عبدالمجيد بن محمد العُمري
اعتدنا مع إطلالة كل عيد أن نتبادل التهاني مع الأهل والأصحاب معاً، الأكف تنطق في حرارة المصافحة بالود والمحبة، العيون تلمعُ بالفرح، القلوب تخفقُ بعاطفةٍ تجمع بالحمد والشكر وبالبهجة والفخر على إتمام مواسم الطاعات، ولكن هذا العيد وقبله عيد الفطر لم تسير فيهما فرحة العيد على المعتاد، وحلت الرسائل والاتصالات محل المصافحة والعناق والاجتماعات بسبب الظروف الوقائية والاحترازية لوباء كورونا.
والشعراء وهبهم الله خيالاً خصباً وقاداً وعاطفة مشبوبة، وحساً مرهفاً دقيقاً امتازوا به عن غيرهم، فاستطاعوا تصوير ما يجول بخواطرهم وما يعتمل في قرارة نفوسهم من مشاعر وأحاسيس بخلاف الإنسان العادي الذي يحس الألم ويجد الحزن ويشعر بالسرور ويتذوق اللذة لكنه يعجز عن التعبير عن شيء من ذلك، وفي هذا العيد الاستثنائي وما قبله برزت ميزة الشعراء في التعبير عن فرحة العيد وعما جال في خواطرهم تجاه هذه الأزمة الصحية العالمية مع فيروس ووباء كورونا، ونقدم بين أيديكم نماذج لبعض مشاعر الشعراء وانطباعاتهم في العيد في ظل هذه الظروف، وقد رصدت بعض ملامح بهجة العيد وفرحته عند بعض الشعراء، والبداية مع أبي حافظ الحاضر الغائب الشاعر الشيخ إبراهيم بن ناصر المدلج متعه الله بالصحة والعافية حيث عيد أحبابه بأبيات من الشعر قال فيها:
الحمدُ رفرفَ في سماء العيدِ
و(اللهُ) أكبر فوق كل نشيد
ولكم من الأعماق أصدق دعوة
مختومةً بتحية وورود
فتقبل الرحمنُ منكم سعيكم
وتقبلوا حبي ونبض قصيدي
وقبل هذا العيد أي في عيد الفطر المبارك وضح جلياً تأثير أزمة كورونا على مشاعر العيد فقال:
رمضانُ يا خير الشهورِ وداعا
مرت لياليك الملاح سراعا
بشرى لمن أفنى الليالي قارئاً
أو قائماً ولذي الجلال أطاعا
فتقبل الرحمن منكم صومكم
وأمدكم بالمكرمات تباعا
وأزاح «كورونا» وقرب جمعنا
فالشوقُ مزق قلبي الملتاعا
وعلى الرغم من كثرة ماكتب الشاعر الدكتور سعد عطية الغامدي عن تداعيات أزمة كورونا وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي إلا أن أبياته في العيد خلت من هذه المشاعر فقال:
عيدٌ بهِ تُستمطرُ الرحَماتُ
ساقتْ سحائبَ غيثِها عرفاتُ
والذكرياتُ وللخليلِ ولابنِهِ
بالتضحياتِ معالمٌ وسِماتُ
في الركنِ منها والمَقامِ وفي الصّفا
والبئرِ ما أوحتْ بهِ الجمراتُ
أرجو لكم فيه السعادةَ والرضى
تسمو بكم لِجلالِهِ النّفحاتُ
أما الشاعر الدكتور فواز اللعبون فيرى بأن العيد هو في وجود أحبابه وأنهم هم البشر والسعادة لذا فإن كل أيامه أعياداً بهم:
هنّأتُ أحبابي بِعيدِهِمُ
فتَعَجَّبوا مِن جُرأتي الكبرَى!
إذ كيف بالبُشرَى أُهَنِئُهُمْ
ووجودُهُمْ هوَ مَصدَرُ البُشرَى!
فخَجِلتُ مما قلتُ معتذِراً
فتبَسّموا وتقَبّلوا العُذرا
يا رَبِّ أسعِدني بهِمْ أبداً
في جنةِ الدنيا وفي الأخرَى
كل عيد وأنتم البشرى، وأفراحي الكبرى.
وقد أكد هذا المعنى في مناسبات أعياد كثيرة ومنها قوله:
عيدٌ سعيدٌ، غيرَ أن سعادتي
في كلِّ يومٍ فيكمُ تَزدادُ
إنْ يَفْرَحوا بالعيدِ يوماً واحداً
فجميعُ أيامي بكمْ أعيادُ
ونحن نقول لحبيبنا د.فواز: أدام الله أفراحكم، وأباد أتراحكم، ولا أراكم إلا ما أراحكم.
أما فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين فإن مشاعره بالعيد لهذا العام امتزجت بدمعة حزن وقد تخلف عن ركب الحجيج فقال للمهنئين والمباركين بالعيد:
تبارك لي وفي قلبي حنين
إلى تلك المشاعر والبقاع
ولكن أمر ربي نرتضيه
وأمر ولينا الحر المطاع
فبورك من يبارك يوم عيد
يتوق الناس فيه إلى اجتماع
وألبسك الإله لباس خير
من النعماء والخير المشاع
فعد يا عيد والدنيا بخير
وفي الأرجاء للإسلام داع
يحث على التآلف والسلام
ويدعو للفضيلة كل ساع
وأما الشاعر (مسافر) الأستاذ أحمد بن صالح الصالح، كان قبل كورونا ومنذ زمن يرى بأن الشعر وسيلة للتواصل وبعث مشاعر المحبة والسرور بالعيد وتهنئة الأحبة فيقول:
أتى العيدُ المباركُ فابتهجنا
وبادر كل خلٍ من يعايد
يُعانق أو يصافحُ أو يهني
بحلو النثر أو غرر القصائد
فصغت مشاعري ببديع نظم
لتبدو مثل زاهية القلائد
فأهديها لأحبابي لتبقى
على صدق المحبة خير شاهد
ولقد صدق في قوله ومشاعره فلازلت محتفظاً بتهنئته رغم مرور ما يزيد على العامين من إرسالها وأما آخر ما كتبه في العيد:
عيدٌ بكم أحبابنا يتجددُ
عيدُ الأضاحي أجرها لاينكرُ
طيبوا به أهلاً وأحباباً بكم
في كل عيد والأضاحي تنحرُ
وحينما ناب الكلام عن السلام هنأ الشاعر عبدالله بن محمد المقحم أحبابه بهذه الأبيات:
أُهْدِيكُمُ في العِيدِ تهنئةَ امرئٍ
يدعو بأنْ تَبْقَوا بأفضَلِ حالِ
أنتمْ جَمالُ العِيدِ فابتهجوا بهِ
وتَقَلَّبُوا في الوصلِ والأفضالِ
ورَعَى الإلهُ ودادَكُمْ مُتَقَبِّلاً
مِنّا ومنكمْ صالحَ الأعمالِ
وكان من قبلها بليلة واحدة يعبر عن شوقه لمكة المكرمة فيقول:
أَحِنُّ إلى البيتِ الحرامِ وموسمٍ
يطيبُ بهِ للطيبينَ مَرامُ
وفي عَرَفاتِ الخيرِ قلبي مُتَيّمٌ
فللهِ كم يقسو عليّ غَرامُ
شعوري شعورُ الطفلِ غادرَ أمّه
وأدمعُه من مقلتيه سِجامُ
يواسونه بالصبرِ حتى إذا هدا
تذكَّرَها فاشتدّ فيه غرامُ
أما الشاعر عبدالمحسن الخميس فلا يرى للشكوى والتذمر مكاناً مع بهجة العيد فهو مصدر للبهجة والفرح ومما قاله ليلة عيد الأضحى وهو يترقب العيد وذبح أضحيته:
يا ليلةَ العيد حَدّ الشوق شفرتَهُ
وأذَنَ الصبحُ بالأفراح فارتقبي!
»عيدٌ بأية حالٍ...» لن نُردّدَها
يابنَ الحُسين.. فهذا يومنا الذهبي!
العيد في كلّ قلبٍ فرحةٌ وَجَبَتْ
وإنْ شكا العيدَ حيناً شاعرُ العربِ!
وأخيراً نقرأ وإياكم تهنئة أبي جواد مقدم هذه المادة عبدالمجيد بن محمد العُمري لزملائه الشعراء وخصهم بالتهنئة بعد أن قرأ تهانيهم:
وتقبل المولى الكريم دعاءكم
وأثابكم منه جزيل ثوابِ
عدتم لهذا العيد دوماً إخوتي
في نعمة تترى وعز جنابِ