سهوب بغدادي
تلك الرسالة التي اعتادها أشخاصي المفضلين كل عام منذ أعوام مديدة. فيما صرح لي البعض بأن رسالتي (تنرفز) وعلى حد تعبيرهم (لا ترسلي أحسن) باعتبارها لا تتجدد في الشكل والمضمون. بينما يستشيط البعض الآخر غضباً من مبدأ الرسائل الجماعية بخاصية تحديد الكل، كونها تخلو من الاختصاص بالاسم والمشاعر الموجهة لشخص بعينه. فلماذا هذه الأنانية؟ دار بيني وبين أحد المغردين نقاش حول المسألة حيث قال بالنص «لا استلطف الرسائل التي يعاد توجيهها إلى الكل كرسائل العيد والمناسبات، فمن حق الشخص أن تكون له تهنئة خاصة به» فرددت عليه «صحيح، ولكن على الأقل هذا الشخص قام بتذكرك فخذ تلك الرسائل من هذا المنطلق» فرد علي «وما أدراكِ بأنه يتذكرك، فهو يقوم بتحديد الكل ويرسلها» فأعدت الرد عليه قائلة «على الأقل أنت موجود في قائمته ومن الممكن أن نقوم بشكره بعبارات بسيطة ومن هنا يفتح مجال الحديث والسؤال عن الأحوال» فقال «احترم وجهة نظرك ولا اتفق معها» فرددت «وأنا كذلك» ثم انتهى النقاش على ذلك! إن من يقوم بإرسال أي رسالة بجميع أشكالها وألوانها وصيغها شخص له حياة خارج نطاق العالم الافتراضي، فكم من الوقت سيقضي في كتابة نص مخصص لكل شخص؟ لنفرض أن متوسط عدد جهات الاتصال الموجودة على هواتفنا 300 إن لم يكن أكثر من ذلك. وبالنظر إلى متوسط عدد الدقائق لكتابة رسالة تهنئة، دقيقتان للشخص الواحد. الناتج وفقاً لحساب والدي –حفظه الله- (10ساعات) فهل يعقل أن يجلس الشخص طوال هذه الساعات دون انقطاع؟ بالتأكيد لا، فسيتخللها 3 إلى 5 ساعات للصلاة والأكل والانتشغالات الطارئة مما يجعل نصف اليوم أو أكثر من النصف يضيع في كتابة الرسائل! أمر غير منطقي، وفي حال فضل الشخص مهاتفتهم فالوقت سيكون أطول بكثير مما سبق. إذن، لنكن واقعيين في توقعاتنا من الآخرين. وبالنسبة لي قمت بشكر أغلب الأشخاص الذين قاموا بإرسال رسالة أو صورة تهنئة من ثم قمت بسؤالهم عن أحوالهم، فتفاجأت بردود الكثير منهم المتنوعة، فالبعض مشتاق، والبعض الآخر طلب تحديد لقاء في أسرع وقت -وحدث اللقاء بعدها- كما وجدت أشخاصاً قد تغيّرت أحوالهم إلى أحسنها ولله الحمد ومن كان عكس ذلك واسيته. فما المشكلة من تلك الرسائل؟ إن المشكلة في استقرائنا لها وربط الشخص بصورة ذهنية محدودة ليس عليها، فمن تعمدت حفظ رقمه واسمه في جهات الاتصال الخاصة بك كان يوماً ما حتماً ذا أهمية في مكان ما وزمان معين أو كلاما. لا يسعني في الختام سوى أن أقول كل عام وأنتم الخير وبخير وأضيف على ما سبق، أن يزيل الله الغمة عن الأمة لكي نعود إلى حياتنا وأعيادنا المعهودة والمليئة بالفرح والضحكات الخالدة.