إيمان الدبيَّان
بسلام آمنين شعار أَطلقت تحته وزارة الإعلام الهوية الإعلامية البصرية، واللفظية الموحدة لموسم حج هذا العام الاستثنائي بسبب جائحة كورونا العالمية، وأخذتُ أتاملُ، وأتعمق في مضمون هذا الشعار من ثلاث زوايا الزاوية الأولى: هي تخصصي العلمي والعملي في اللغة العربية، والزاوية الثانية: هي تخصصي العلمي والبحثي في الدراسات العليا لإدارة أعمال الحج والعمرة، أما الزاوية الثالثة: فهي معرفتي لمكة المكرمة زماناًٍ، ومكاناً، وواقعاً عند وجود الحجاج فيها، كل هذا جعلني أُشرعُ أبواب قلمي؛ ليقرأ العالم معي مضمون عبارة بسلام آمنين التي تُقال للمتقين عند دخولهم الجنة وقلناها، وطبقناها لحجاج هذا العام فعلياً، فمن الناحية اللغوية ادخلوها بسلام «أي سالمين من الآفات مسلم عليكم» آمنين» أي من كل خوفٍ، وفزعٍ ولا تخشوا من إخراجٍ ولا انقطاعٍ ولا فناءٍ، وبحمد من الله ثم بجهود الدولة السعودية العظيمة سَلِم الحجاجُ من الأمراض، والأوبئة، ومن شر هذا الفيروس الخبيث ببرتوكولات لن استعرضها فقد رأيناها علناً، وشهدت بها منظمة الصحة العالمية جهراً تحت مظلة أمنية، وصحية كبيرة، وجبارة.
إنَّ الحج علمياً، وبحثياً ليس عملاً سهلاً، ولا تجمعاً هيناً، هو رحلة مدروسة يهتم بها المسؤولون من الفكرة إلى العودة من جميع الجوانب الاقتصادية، والصحية، والأمنية، والسياسية، والإعاشة، والسكن، والتنقل، وغيرها من متطلبات للحاج هُيئ لها المتخصصون، والدارسون فكنّا ندرس، ونصمم مخيمات الحجاج، وما يتوفر بها من عيادة طبية، ومطابخ، وصالات طعام، ومساحات مناسبة للنوم، والجلوس، ونبحث في علم الحشود لنفهم إدارتها، ومتابعتها، ونضع مخططاً، وتصوراً مستقبلياً لما قد يطرأ من أمراض معدية، أو صعوبات مضنية، وأشياء كثيرة لا يسع المجال لطرحها هنا؛ ولكن لم يطرأ بذهن، أو مخيلة العالم أجمع هذه الجائحة، وتبعياتها، وآثارها، وكيفية التعامل معها إلا أن الحكومة السعودية استطاعت وبجدارة أن تجعل الحجاج بسلام آمنين.
إنْ كان عدد الحجاج هذا العام لا يقارن عددياً بحجاج السنوات الماضية التي يتجاوز العدد فيها المليونين، فهو يفوق مقارنة بما احتاجه الحجاج من جهد مختلف وتنظيم واحتراز غير مألوف ليكون الجميع آمنين من حجاج ومن هم بالحج قائمون.
من حج سابقاً، أو عاش في مكة فترة الحج يعرف الحجم الأمني المكثف فيها هذا الحجم الذي زاد هذا العام ولم ينقص، فكان سواراً ثميناً حول معصم أم القرى ترفع به يدها للدنيا قاطبة عروساً في يوم الحج الأكبر مزينة، كعبتها بأغلى كسوة شهدها الزمن، متباهية بحكامها، ورجالها مهما تعددت الجوائح والمحن.
كل عام، وكل حج، ووطني وولاة أمري بسلام، وأمان، وكل سعودي يفخر بما تحقق، وما صار وكان.