عبدالرحمن الحبيب
مع وباء كورونا أصبحت الاجتماعات والمؤتمرات الافتراضية عبر الفيديو هي النمط السائد، فاتحة نافذة جديدة للآخرين على شؤونك الخاصة في منزلك لم يكونوا يعرفونه كالطاولة وجدران الخلفية وراءك، والتصميم الداخلي للغرفة التي تتحدث منها من تحف ونباتات وكتب حسب وضعية الجهاز، فضلا عن الهجوم المباغت لأطفالك. لقد أقامت تلك الاجتماعات جسراً مفاجئاً بين الحياة المهنية والحياة المنزلية، وتتشكل معها ثقافة عمل جديدة قد تعيد ترتيب منزلك..
اجتماعات الفيديو أوجدت ظروفاً جديدة للمظاهر فإذا كان المظهر الخارجي للموظف من لباس مهندم ومكتب مرتب من الصفات التي ينبغي للموظف الالتزام بها والتي تعد أحد عناصر تقييم أدائه الوظيفي، فإن حُسن ترتيب المشهد الداخلي للمكان في منزلك الذي تظهر به في اللقاءات الرسمية أصبح داخلاً بتلك المظاهر وإن لم يكن أحد عناصر تقييم الموظف بعد، ربما بالمستقبل القريب..
بطبيعة الحال هناك العديد من الآداب حول المشاركة باجتماعات الفيديو التي تساعد على تجنب الأخطاء بها مثل الحضور قبيل الوقت المحدد، كتم ميكرفون الصوت عندما لا تتحدث، وارتداء الملابس المناسبة للعمل، والحصول على الصوت والضوء الصحيحين، والنظر إلى الكاميرا..الخ، وأهمها كتم الصوت كيلا يسمع شخيرك إذا هجم عليك النوم، أو ربما إلغاء الصورة قبل زعيق أطفالك إذا هجموا عليك أثناء نعاسك وأنت غافل تصارع الملل..
كل ذلك متوقع الانتباه إليه، إلا أنه ظهرت إرشادات طريفة قد تدخل ضمن ثقافة جديدة لاجتماعات الفيديو والمنافسة فيها بين الزملاء كما يتنافسون على نقاط تقييم الأداء الوظيفي في حسن الهندام والترتيب.. فمن اللائق أن تكون الصورة المشهدية بالمكان الذي توجد فيه أنيقة وتخلق انطباعاً مريحاً وإيجابياً لمن تتعامل معهم بتلك الاجتماعات، أياً كان منزلك كبيراً أو صغيراً..
«فحتى لو كنت تعيش في شقة من غرفة واحدة، ما عليك سوى نقل المكتب إلى جانب من الغرفة والأريكة إلى جانب أخر والسرير إلى ثالث. صبغة من الطلاء بألوان مختلفة على كل تلك الجدران، واثنين من ملصقات النوافذ الساحلية البحرية، تطل على الريف المتمايل من جانب وشاطئ منعزل من جهة أخرى، وهكذا، على مدار عدد قليل من الاجتماعات يتم تحويل شقتك الضيقة إلى قصر في ملكية واسعة على شاطئ البحر». هذه توصية «روقان» من مجلة الإيكونيميست!
وتزيد عليها روقاناً «إذا كان لديك المعدات التقنية اللازمة، بالطبع، يمكنك اختيار خلفية افتراضية بديلة، لتبدو وأنت حائماً فوق المدينة بمنطادك الشخصي، أو مسترخياً على يختك». في حين أنه قد يكون من المغري العمل في قميصك المفضل طوال اليوم، لكن ينبغي عليك التفكير بارتداء ملابس احترافية لأي مؤتمرات فيديو تحضرها. لست مضطرًا إلى ارتداء ملابس فاخرة، ولكن اختر شيئًا مناسبًا كما لو أن الاجتماع وجهًا لوجه، وليس افتراضيًا.
أما إذا كان في غرفتك دعائم ورفوف فهي تساعدك أيضاً، كما تقترح عليك الإيكونيميست: «إذا كانت أرفف كتبك مرئية، فأعد ترتيب الكتب بحيث تتوافق العناوين خلف رأسك مع مناسبة الاجتماع. بالنسبة للديكور الثقافي، فإن الروائي الاسكندنافي الغامض والفيلسوف الوجودي اللذين لم تقرأهما جيداً سيكونان مناسبين. فللحصول على خلفية احترافية، يمكنك الوصول إلى صن تشو (فيلسوف صيني قديم) ونسيم نيكولاس طالب (مفكر). لتجمع كوكتيل عالي القيمة، قم بإبراز كلاسيكيات الجلود المصنوعة يدويًا. تذكر أن الكاميرات عالية الدقة لها عيون حادة: من الأفضل ترك النسخ المبهرة (السطحية) بعيدة عن الأنظار».
كما «يجب أن تكون الإلكترونيات، بشكل عام، غير مرئية، لأنه توجد علاقة عكسية بين الحالة الاجتماعية وحجم أجهزة التلفزيون. ومع ذلك، فإن المعدات الصوتية المتطورة أو معدات السينما المنزلية مقبولة في الخلفية، مما يشير إلى أنها تقدم أسلوبًا فائقًا وفنيًا للترفيه..» مقترحين وضع لوحات تشكيلية راقية وربما معدات رياضية فاخرة تعني أن لديك ذوقاً عالياً وحساً مرهفاً..
ماذا عن الظهور المفاجئ للأطفال؟ لا مانع من ظهورهم فالمكان بيتهم، لكنه قد يحمل انطباعين متناقضين.. فإذا كنت تتوقع أنهم قد يظهرون يصرخون ملطخين بالشوكولاتة فمن الأفضل إبقائهم بعيداً وإشغالهم بما يلهيهم (ألعاب فيديو مثلاً)؛ أو ربما قد تكون ذكياً وتقنعهم بحكمة أن يقدموا صواني الشاي والبسكويت بكل أناقة ولطف. سينقل أي من النهجين الانطباع المطلوب عن نظامك الداخلي، واحترام الآخرين لك.. حسب نصيحة الإيكونيميست!
ليس الخوف من إزعاج الأطفال فقط، فحتى الشخص نفسه رغم أنه قد لا يتحدث ويعتقد أنه هادئ، فإن معظم الميكروفونات يمكنها التقاط أبسط الأصوات، مثل السعال والعطس أو حتى نقرات الكتابة. يمكن لهذه الأصوات بسهولة تشتيت انتباه المشاركين الآخرين في مؤتمرات الفيديو وربما تسبب إزعاجًا، وتخلق انطباعاً سيئاً.. الأمر بسيط بمجرد نقرة زر تكتم الصوت. أيضاً، توقف عن الانشغال بمهام أخرى كالتحقق من الإيميل أو العمل على جهازك أثناء الاجتماع سيبدو ذلك وقاحة بالنسبة للمشاركين.
كل ما ذكر من إرشادات سيكون مفيداً لتلافي الوقوع بما تورط به البعض من أخطاء طريفة أو محرجة أو حتى كارثية وصلت لوسائل التواصل الاجتماعي، رغم أنها قد تبدو حالات نادرة لكن المفاجآت تقع دائماً..