فهد بن جليد
(الخالي من الدين غني) تلك حكمة (مالية) سودانية تدل على أنَّ شعور من لا دين عليه، يماثل شعور من يملك المال الوفير ويتنعّم به، فالإنسان يولد (حراً) خالياً من الدَّين، ولكنَّه يضع هذا الطوق حول (عنقه)، ويلبس أساوره المؤلمة، ليعيق (القيد) حركته ويحطّم أحلامه مع مرور الأيام، والعذر دائماً في بعض المجتمعات ذات الدخل المنخفض، مواجهة ظروف وأعباء الحياة اليومية، ومحاولة العيش (بكرامة).
إلاَّ أنَّ بعض الصور في مجتمعاتنا (الخليجية) تبدِّد مثل تلك الأوهام والأعذار عند الأشقاء العرب، عندما تحاصر الديون كثيرين نتيجة المظاهر الخادعة والكاذبة؟ فبعض ما تراه من (رفاهية) محسوب بالدين والأقساط، بدءًا من السيارة الفارهة وانتهاءً بقروض (السفر للخارج)، حتى وصلنا إلى مرحلة تقسيط (جهاز الجوال)، حُمّى الشراء (بالأقساط) أو التأجير المنتهي بالتملّك أصابت كل المجتمعات العربية تقريباً، حتى بات الحصول على السيولة بالاقتراض (مبدأ أصيل) وثابت في مراحل حياتنا، وهو ما أدخل الجيل الناشئ من شبابنا في دوامة (قهر الدَّين) الذي استعاذ منه نبينا الأكرم -صلى الله عليه وسلم-، الاقتراض كمبدأ هو (حل لمشكلة ما)، ومعمول به على مستوى دول وشركات عملاقة، ولكنَّه لدينا على مستوى الأفراد بداية (لمشكلتين)؛ الأولى (هدر المال) في حاجات (غير ضرورية) نتيجة إغراء وإغواء البنوك وشركات الترويج للشاب في بداية حياته، والثانية عجز المقترض الشاب في (مرحلة لاحقة) عن تأمين حاجياته الضرورية كرب أسرة نتيجة التزامه بالسداد، بسبَّب مديونيات غير ضرورية سابقاً.
غياب توعية غير المقترضين، وتنبيههم لعدم تكرار تجربة من سبقوهم واجب -كل أب وأخ- ذاق مرارة الدَّين، وفي ذات الوقت مسؤولية توعوية يقع عاتقها على الجهات المالية والبنوك، قبل 8 سنوات طرحتُ سؤالاً، وأعيد طرحه اليوم كما هو في هذا المقال، هل يمكن أن تتبنى جهة ما الترويج لحملة (كيف تبقى غنياً) على طريقة المثل السوداني أعلاه، (بتجنب القروض) ولو من باب المسؤولية الاجتماعية؟
وعلى دروب الخير نلتقي.