خالد بن حمد المالك
ها نحن نسعد بالعيد، ونستعيد معه الذكريات، نضيء به عتمة الطريق، ونستمد منه الأمل، ونقوِّي به عزائمنا، وحيث نشرق معه نحو آفاق جميلة، فالعيد هذا وإن عاد بأجواء غير الأجواء التي اعتدناها، وإن صاحبه ما لا يسر الخاطر مع جائحة كورونا، إلا أنه يبقى عيداً لنا بأجوائه ومناخه وجمال معناه.
**
كثيرة هي المكدرات والمنغصات، وتلك التي تزعجنا، وما من حيلة عندنا لتطويق أغلبها، والسيطرة حتى ولو على الأولويات منها، فالخلافات العربية - العربية وصلت إلى ذروتها، والنزاعات لامست الحد الذي انصرفت فيه دولنا بما أشغلها عن الاهتمام بأوضاعها الداخلية، ومن ثم سمح للأعداء في اختراقها، وزرع الفتن بين كل دولة وأخرى، حيث تلبي هذه السياسة مصالح الدول الأجنبية الطامعة بنا.
**
كل دولة عربية ترمي سبب الخلافات والنزاعات على الأخرى، وكل دولة تتعاون مع الأجنبي بما لا مصلحة لها فيه، ومع هذا لا تستحي من إعلان هذا التعاون، والتبرير له، ومحاولة إقناع الغيورين الشرفاء من العرب بصحة وسلامة موقفها، مثلما يفعل من يؤيد الموقف الإثيوبي ضد مصر والسودان في موضوع سد النهضة، ومثله من يدعم الموقف التركي في تدخله في الشأن الليبي، وكذلك التدخل الإيراني - التركي وحزب الله في سوريا.
**
مجمل القول أن ضعف العرب سببه الخلافات بينهم، وارتهانهم في سياساتهم وقراراتهم لأعدائهم، وقبولهم التدخل الخارجي في شؤونهم، كما هو حال الحوثيين في اليمن وبعض الأحزاب العراقية مع إيران، وعمالة حزب الله لإيران في لبنان، وتحالف نظام بشار الأسد مع إيران، وحماس في غزة مع تركيا وإيران.
**
ولقطر حضور في كل هذه المسارات، بالدعم المالي والإعلامي، بحكم أنها لا تملك غير ذلك، لهذا فقدنا القوة السورية والعراقية، بما جعلها تخرج من معادلة المواجهة مع أي عدو أو عدوان على العرب، وبالتالي لم تعد ضمن القدرات العربية في التصدي لأي عدوان خارجي، فضلاً عن استعادة الحقوق العربية المفقودة.
**
العيد يذكِّرنا، بما قد نكون قد نسيناه، أو أننا لم نعد نعبأ به، إن لم يكن أصبح خارج الخيارات في قيام العرب بمسؤولياتهم، غير أن الأمل والعمل سيظلان وقود الشرفاء من العرب في تحقيق ما لم يتحقق، وفي إنجاز ما لم يتم إنجازه، حتى وإن كان الطريق وعراً، والمشوار طويلاً، والحمل ثقيلاً. وكل عام وأنتم بخير.