الاهتمام بالإنسان؛ مواطنًا كان أو مقيمًا أو حاجًّا أو زائرًا، مبدأ راسخ لدى قيادة المملكة منذ توحيدها على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، تحت راية (لا إله لا الله محمد رسول الله).
منذ تلك اللحظة، أصبحت جميع مناطق المملكة تنعم بالأمن والأمان؛ في مملكة الإنسانية، فهي بحقّ «دولة الإنسان»، وتتعامل مع الإنسان «كإنسان» ينعم بحقوقه الإنسانية كافة، دون نظر إلى لون أو دين أو عِرق. وقيمة الإنسانية في المملكة -حفظها الله- مستمدة من قيم الشريعة الإسلامية الغرّاء، التي بعث الخالق -سبحانه وتعالى- رسوله -صلى الله عليه وسلم- بها؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. إنها ركن ركين، وأساس راسخ في تعامل قادة هذه البلاد الطاهرة -أيدهم الله- مع الإنسان والكون والحياة.
خادم الحرمين الشريفين هو أعلى لقب في هذه الدولة، وعليه فإن أيّ منتسب لهذا الوطن العظيم، إنما هو إنسان يشترك في هذه الخدمة ويتشرف بها، من أكبر مسؤول إلى أصغر مواطن.
ولأن هذه الدولة المباركة قامت على كلمة التوحيد، فقد جعلت من أول أولوياتها: خدمة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمشاعر المقدسة؛ استجابة لأمر الله سبحانه: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ). واهتمام قيادة المملكة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة؛ لا ينكره جاحد، في إعمارها في السكن والطرق وسكة الحديد، وخدمات الطيران، وأكبر توسعه للحرم، وخدمات المشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة، بما جعل الحج رحلة ممتعة، تيسّر على الحجاج حجهم وراحتهم في الأراضي المقدسة.
لقد سخّرت قيادة المملكة كل طاقتها البشرية والمالية للحجاج، وهذا فضل من الله.. على هذا البلد وقيادتها. حج بيت الله هي فريضة الركن الخامس من أركان الإسلام (لمن استطاع إليه السبيل)، سبيل هنا تشمل «صحة الإنسان وقدرته الجسدية والمالية».
ديننا دين رحمة ويسر، ومن رحمة هذا الدين، ويُسره وسهولته، اقتران أداء فريضة حج البيت «بالاستطاعة» في قرآن عظيم ينبغي أن نتدبّر ما جاء فيه (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ.. وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا.. وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا..).
إنّ الأمن على النفس من عناصر الاستطاعة، وإن لم يستطع الإنسان؛ فتأجيل الحج. هذه فسحة من الله سبحانه وتعالى لعبده الإنسان؛ أن تكون صحة الإنسان، قرينة لتوفّر أسباب الطاّعة، بأداء ركن من أركان الإسلام، وهو هنا «الحج» مع «الاستطاعة».
* لقد حدث في هذا العام 2020م حدث مريب وهو «وباء كورونا»، أُصيب البشرُ بمرض غامض ومميت، لم يستطيعوا إيجاد علاج له، وينتشر هذا المرض عن طريق تجمع البشر وتقاربهم وتزاحمهم، وهو أكثر فتكاً وانتشاراً في المناطق الضيقة؛ مما سبب أزمةً بشرية مرتبطة بوجودهم على قيد الحياة.
انتشار هذا الوباء بسبب التجمعات -لا سمح الله- يحقق حدوث الضرر، ولا شكّ. لقد توقف الحج وأُلغيَ عدة مرات في أعوام متفرقة، بما يقارب 20 مرة؛ لأسباب الكوارث أو الجوع أو السياسة أو عدم الأمن في الأزمنة الماضية. وهنا ما تراه قيادة المملكة وجميع الوزارات ذات العلاقة؛ كوزارة الصحة ووزارة الحج، وتتعامل مع هذا الوباء وما يناسب الصحة العامة والحجاج بشكل خاص.
هل يتم فتح الحج هذا العام؟
قرار سيادي لقيادة المملكة العربية السعودية؛ بما يناسب هذا الحدث الحديث الذي عمَّ العالم والبشرية. صحة الإنسان مقدسة عند الله سبحانه وتعالى، وقصر حجّ هذا العام على من هم في داخل المملكة من مواطنين ومقيمين، يحقق الحسنيين؛ إقامة الفريضة، وحفظ صحة الإنسان.
حفظ الله البشرية من كل مكروه ووباء!
** **
منصور الفقيري - استشاري في مجال التدريب والتوظيف