فهد بن جليد
بهدوء وسكينة، وبعيداً عن المُزايدات والمُتاجرة والضجيج الذي يصطنعه ويعشقه الأقزام عادة، تتجه الأنظار اليوم صوب صعيد (عرفة الطاهر) في يوم الحج الأكبر، ليعيش أكثر من (مليار ونصف المليار) مسلم، ذات المشاعر الفيَّاضة التي اعتادوا عليها في كل عام وهم يشاهدون حجاج بيت الله الحرام يؤدون الشعيرة ويقيمون الركن الخامس من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، بطمأنينة وسلام وحماية وتنظيم احترافي كبير، وسط ظروف صحية وتحديات مُختلفة بسبب جائحة (كوفيد-19) التي يمر بها العالم للمرة الأولى، ولكنَّ السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين سخَّرت كل الإمكانات الصحية والأمنية والتنظيمية من أجل إنجاح الموسم بهذه الأعداد المحدودة، بعد أن أبهرت العالم على مدى عقود طويلة بإدارة حشود ملايين الحجيج بكل احترافية وأمان ونجاح، بشهادة المنظمات الدولية المتخصصة والعالم أجمع.
المملكة اليوم تقدِّم للعالم تجربة خاصة وأنموذجاً فريداً لإدارة الحج بطريقة احترافية وناجحة وسط أزمة صحية عالمية مُتصاعدة، تسبَّبت في تعطيل مظاهر الحياة وإلغاء مُعظم التجمعات البشرية على وجه الأرض، فالخطوات السعودية الرشيدة في تقنين أعداد الحجيج -وفق ضوابط- لقيام عدد محدود بأداء الفريضة، جعلت العالم مُطمئناً أكثر لنجاح الحج وسلاسته بعيداً عن تحديات الجائحة ومخاوف انتشار العدوى التي تشكِّل خطراً على الحجاج أنفسهم وتهدِّد العالم، ويظهر في هذا مقاصد ومحاسن وعظم الشريعة الإسلامية السمحة في تكيّفها وصلاحها لمُختلف الظروف، بالإضافة إلى صدق الرعاية والحماية والخدمة التي تقوم بها السعودية للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، فهي لم تتاجر بالموسم أو تزايد فيه أو تستغله بشعارات شعبوية كما يفتعل غيرها، بل كان الهم الأكبر (إقامة الشعيرة) بصدق، وخدمة المسلمين انطلاقاً من الدور الكبير والشرف العظيم الذي منحه الله المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة، في خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، مُنذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه- حتى العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-.
العالم اليوم يتابع باهتمام عبر شاشات التلفزة، ليُراقب الحدث الأهم الوقوف (بصعيد عرفات)، وقد ظهر الإعجاب والإشادة مبكراً بالطريقة الاحترافية السعودية في تقسيم الحجاج لمجموعات صغيرة، كل 20 حاجاً يرافقهم قائد صحي لضمان تطبيق الاحتياطات والاشتراطات الصحية والالتزام بها طوال هذه الرحلة الإيمانية، إضافة للجهود الأمنية والتنظيمية التي سُخِّرت هذا العام، لذا يحق لنا أن نفخر ونفاخر بأنَّ المملكة العربية السعودية في كل عام هي محط الأنظار، بفضل الخدمات الصحية والأمنية (الجبارة) التي تقدَّم لراحة (مليونين ونصف المليون) حاج سنوياً، سيعودون إليها بشوق في المواسم المقبلة لتستمر قصة النجاح، وتبقى صورة حج هذا العام الاستثنائي (شاهدة في الذاكرة) على شرف الزمان والمكان وصدق الرعاية والخدمة.
وعلى دروب الخير نلتقي.