الهادي التليلي
الوجه الحداثي للمملكة العربية السعودية والذي ترجمته الإجراءات الرائدة والقرارات الملهمة ومس مختلف أوجه الحياة بدءًا بتشريك المرأة في قرار الحياة المجتمعية وقيادتها مروراً بتأسيس الهيئة العامة للترفيه وهيئات ثقافية تسجل بالذاكرة والتاريخ منها هيئة الموسيقى وهيئة المسرح والفنون الآدائية في رمشة عين صارت السعودية محل أنظار العالم الأول على مستوى الترفيه والفرجة وهذا بفضل حكمة القيادة واجتهاد الرجال وتفاعل المجتمع الراقي الجميل الحداثة لا تنتظر وإنما هي من تواربات الواقع هذا ما قاله رولان بارط ويقوله الواقع في كل حين، فالثورة الحداثية التي تعيشها المملكة والتي تمتلك كل مقومات نجاحها من رخاء اجتماعي ومن توفر قدرة استهلاكية وتوفر إرادة سياسية تضمن حريات التعبير والفكر والإبداع، فالحداثة ترجمان تطور الإنسان، والحداثة أكبر من أن تكون نمط عيش مجتمعي فقط بل هي ثقافة مجتمع متفردة أيضاً والفلسفة نمط تفكير للأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة، إنها الوعي بالعالم لتأسيس أنساق تفكير متجاوزة والفلسفة رافقت كل حركات التطوير والتنوير. ولو نعود إلى فلاسفة الأنوار القرن 18 سنجد أن الفلاسفة والمفكرين مثل فولتير وجان جاك روسو ودافيد هيوم وايمانويل كانط.. كانوا سنداً لتحرر فرنسا وتنويرها، فالخطاب الفلسفي منذ اللحظة الإغريقية مع سقراط وأرسطو وأفلاطون هو مناقض للخطاب الدغمائي السفسطائي، فالأول ينشد الحقيقة في الجدل والثاني يرنو إلى تفوق المحاور لمحاوره وإفحامه الفلسفة ليست ولم تكن ضد الدين والدليل.
على ذلك الوجودية المؤمنة منذ كياكيغارد وصولاً إلى غابريال مارسال وكارل ياسبرس، كذلك وجود فلسفة إسلامية مؤثرة في الفكر الإنساني حيث كان ابن رشد أرسطو عصره وابن سينا أفلاطون زمانه كما يقال وفي الحقيقة الفلسفة الإسلامية بدأت مع الكندي القرن الثاني هجري وامتدت حتى السادس منه والسؤال الذي يطرح نفسه ما جدوى تدريس الفلسفة سواء في التعليم الثانوي أو الجامعي؟ والجواب أن الفلسفة مدرسة التفكير وكما قال روني ديكارت «أنا أفكر إذاً أنا موجود» فهي تعلم الإنسان عموماً وطالب المعرفة على التفكير المنطقي وهو ما ينعكس على حياته ونمط عيشه وسلوكه، وكما قال أحدهم الباب الذي تدخل منه الفلسفة تفر منه آفات التطرف والإرهاب.
ودخول قرار تدريس الفلسفة في المدارس السعودية ليس من فراغ وإنما هو تجسيد لإحدى خيارات الرؤية المجتمعية 2030 .
وتدريس الفلسفة لا يتوقف فقط على الإرادة السياسية وإنما إيمان القيادات التعليمية يجعل النظر إلى قياس الأداء إما في مستوى الخطاب الوطني أو دونه، ولا يعني أن الفلسفة قد فشلت في التوغل إلى عقول تلاميذنا قرار تدريس الفلسفة صدر منذ 2018 ونحن على أعتاب 2021 فماذا تحقق من هذا القرار القيادي التاريخي في مدارسنا؟ وهنا نقترح هيكلاً وكياناً وطنياً للنهوض بتدريس الفلسفة يشمل هيئات إشرافية وإدارية مختصة إضافة إلى إقرار تدريس تخصص مادة الفلسفة في التعليم العالي.