د. محمد عبدالله العوين
لا بد من التوقف عند مكان الهروب أو اللجوء؛ فكندا لا تستقبل أو تحتضن إلا نماذج غير مشرفة؛ إما متمردات دينياً وأخلاقياً من تيار (النسويات) الذي يعلن كثيرات من المنتميات إليه إلحادهن أو شذوذهن وكرههن للرجل ونقمتهن عليه وإعلان العداء له؛ بحجة أنه المستبد المضطهد؛ سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً. وقد استغلت حكومة كندا نزق وطيش هذه النماذج المضطربة نفسياً وأخلاقياً وعدم نضجهن؛ حيث خرجن على الشاشات فرأى متابعوهن أن كثيرات منهن ما زلن في سن المراهقة والطيش، وتحت عناوين الحماية والدعم المزعومة من كندا انطلقن بوقاحة وجرأة يعلن عداءهن للدين وللقيم الأخلاقية وللبلاد التي أنجبتهن ورعتهن، متناسيات أن وراء هذه الحملات المحمومة أغراضاً سياسية دنيئة وأنهن وضعن كبشات فداء لتحقيق أهداف وغايات غير شريفة.
وليس بعيداً عنهن من أعلن بقاءه أو لجأ إلى كندا وأعلن تمرده السياسي على بلاده؛ إما حماقة وجهلاً، أو عدم نضج ونقص في الوعي، أو خيانة وطمعاً في التكسب والارتزاق من دولة معادية كنظام قطر أو غيره.
ومع ثقتنا في أن تلك الأصوات النابحة من كل جنس ولون وطائفة ليس لها تأثير قليل أو كثير وأن نقيقها لا يصل إلى مسامعنا؛ لتفاهته وخوره وقماءته؛ إلا أن هروب ضابط الاستخبارات (سعد الجبري) الذي يحمل شهادة دكتوراه وكان على مرتبة وظيفية كبيرة في وزارة الداخلية يرسم أمامنا عشرات من علامات الاستفهام؟!
لماذا علامات الاستفهام هذه؟ لأنه يعلم علم اليقين -وهو رجل الاستخبارات- من تؤوي كندا من المارقين والخونة والشواذ ودعاة الانحلال؛ فإذا كان -حسب زعمه- بريئاً لماذا هرب أولاً؟ ولماذا قصد كندا ثانياً؟ إن كان بريئاً مما وجه إليه من اتهامات -حسبما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية- فليبق في بلاده ويقف أمام المساءلة القانونية العادلة كما وقف غيره من قبله، فحينما لم تجد الجهات المختصة عليهم ما يدينهم خرجوا بعد وقت قصير، أما حينما ثبت عليهم اختلاس لأموال الدولة أجبروا قسراً على إعادتها إلى خزينة الدولة ثم خرجوا من توقيفهم.
إن فراره من المساءلة القانونية وطلبه اللجوء إلى دولة تتخذ مواقف معادية مثل كندا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه يعلم ثبوت إدانته بما نسب إليه من اتهامات بسرقة مليار دولار وتبديد أحد عشر ملياراً أخرى والعبث بها حينما كان يشغل منصبه، ويعلم أيضاً أن لدى الجهات المختصة أسئلة عدة ليست عن المال المنهوب بالمليارات فحسب؛ بل عما هو أكثر خطورة وأمضى ألماً في إيذاء المملكة باحتضان تنظيم الإخوان وحمايتهم ومنحهم منابر إعلامية لتوصيل أفكارهم والتأثير السلبي في المجتمع.
لقد كان لتنظيم الإخوان خلال عشرين عاماً، وهي الفترة التي منح فيها الثقة حضور إعلامي كبير وصلة وثيقة بوزارة الداخلية؛ نتج عنه شعورهم بقوة نفوذهم فكونوا خلايا إرهابية، وفرضوا هيمنتهم على ما ينشر ويكتب ويقام من فعاليات، وتوجهوا إلى تشويه أسماء ثقافية كبيرة لها وزنها الأدبي والأكاديمي. يتبع