م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- الإخوان كفكر ديني حزبي سياسي يسعى للسلطة يتماهون مع الفكر البروتستانتي المسيحي في حالات ويختلفون في أخرى.. وإن كان المفكر الإيراني «علي شريعتي» منح جماعات الإسلام السياسي صفة البروتستانتية.. إلا أن الاختلافات بينهما تظل كثيرة وكبيرة ومحورية.. وقد تعرض لهذا المفهوم عدد من المفكرين منهم العراقي الدكتور «عبدالجبار الرفاعي» الذي يرى أن التشابه بينهما هو التركيز على الدنيا.. إلا أن جماعة الإخوان المسلمين مثلها مثل كل جماعات الإسلام السياسي مشغولة بالعمل على الاستيلاء على السلطة السياسية.. حيث يسقط كل شيء أمام ذلك الهدف.
2- وإذا كانت البروتستانتية المسيحية -كما يقول الدكتور الرفاعي- قد حرَّرت الدنيا والمعارف والعلوم والاقتصاد والسياسة من سطوة الكنيسة.. وأطاحت بالكهنوت والبابوية بوصفهما المسؤول الأعلى عن التفسير الرسمي للدين.. إلا أن البروتستانتية الإسلامية قد وسعت حدود الدين حتى استوعب الدنيا بما فيها.. وأزاحت الدين عن مجاله الأخروي واستخدمته لاغتصاب كل ما هو دنيوي.. وحوّلت الدين من وظيفته الروحية الربانية إلى أيديولوجيا وظيفتها اغتصاب السلطة والتحكم في سلوكيات وأفكار الناس.. تماماً كما فعلت الأيديولوجيات الدنيوية كالشيوعية والاشتراكية والنازية وغيرها.
3- البروتستانتية الإسلامية جعلت الإسلام ديناً ودنيا بكل مجالاتها وشؤونها.. وأصبحت في مواجهة شاملة مع الدولة والمجتمع والعلوم والمعارف والفنون والآداب.. بعكس البروتستانتية المسيحية التي وقفت مع الدولة ضد كهنوت الكنيسة والبابا.. وحصرت تخصصها في شؤون الدين فقط ولا مجال للدنيا فيها.
4- البروتستانتية المسيحية فصلت الدين عن الدولة.. بينما حصرت البروتستانتية الإسلامية جهودها في بناء الدولة الدينية.. وتأسيس علوم ومعارف وآداب وفنون دينية.. ويبرز ذلك في الاقتصاد الإسلامي وأسلمة المعارف والفنون والآداب والعلوم.
5- إذا كانت البروتستانتية المسيحية فصلت الدين عن الدولة فإن البروتستانتية الإسلامية قد سعت إلى تحويل كل ما هو دنيوي إلى ديني وكل ما هو ديني إلى دنيوي.. بمعنى أن البروتستانتية الإسلامية لم تزد على أن تكون حركة أدلجة الدين والتراث الإسلامي.. وكلا الحركتين أنهكت الدين وأفقرته روحياً وأخلاقياً.. وحولته من علاقة ربانية إلى نظام دنيوي.. وإذا كانت البروتستانتية المسيحية قد حرَّرت الدولة من الدين فإن البروتستانتية الإسلامية قد أغرقت الدولة بالدين وساهمت في إفشال الدولة بالدين.. تماماً كما أفشلت الدين بالدولة.