سمر المقرن
من نجد الشموخ، يمتد العمق التاريخي والحضاري لتراث أبعد وأعمق من بعض الرمزيات التي تظهر بين الحين والآخر عندما يكون وارد الحديث عن «نجد».. هذا المرأة التي تتعدد فيها مكونات الجمال لتُحرّض متأملها دوماً بالتفكّر، وكلمّا زاد عُمقاً وجد الأشياء تتعانق من حُسن قلبها.
هي نجد، لا يمكن أن تكون الكتابة عنها إلا قصيدة غزل لتتراءى أمامك صورها بكل حالاتها بين ثنايا قصائد من عشقوها منذ العصر الجاهلي وإلى اليوم.
هي نجد، التي خلقت الرموز لأنها رمز أصيل لكل منابت الجود والعز، فما من خيار أمامها إلا العشق بل العشق حتى الموت لتخرج أرواحنا من ترابها وتبعث محبتها من أول وجديد في قلب كل جيل.
حكايا وقصص نجد، هي تراث ثمين وعميق لا ينبغي أبداً أن نبتعد عنه إلى أن يموت، هذا التراث هو قصة نجد، قصة الحب الأبدي بين دهاليز القصص، هي تراب أبعد بكثير من نوع الطعام أو شكل مفرش من السدو وغيره، هذه كلها أدوات تراثية أعتز بها، لكنّ هناك أبعاداً لتراث نجد يستحق أن يعيش ويكبر ونعتز به في جذور هذا الوطن.
تراث القصة النجدية، أو تراث الإنسان النجدي، أو قصص من عرق الصحراء تستحق أن تكون تراثاً ملموساً يروى للأجيال وينمو في وجدان عشاق نجد وعشاق الأصالة وعشاق الحقيقة.
لكل نجدي حكاية، ولأبيه وأمه وأجداده حكايات تستحق التوثيق لتكون منتجات تراثية تسير إلى جانب كل ما نحتفظ به من تراث، تكون عناوين لكل قطعة نعتز بها، ولكل بيت رفعه الإنسان النجدي من طين عرقه، وصنعه بمحبته لهذه الأرض. هناك أشكال وطبائع ولهجات تميز منطقة عن أخرى في نجد، هذه كلها تراث من الأولى ألا نتركه يضيع ويتناثر على صحراء نجد، بل يبقى ينمو ويكبر، شامخاً كجبل طويق.
قصص الفقر والجوع والأمراض، وقصص العشاق التي ملأت كثبان نجد بعيداً عن القصص الشهيرة التي نعرفها جميعاً كمجنون ليلى أو عنترة وعبلة وغيرهم، هناك قصص عشق لآبائنا وأجدادنا غفل عنها التاريخ قد تكون أقوى وأعمق من تلك القصص الشهيرة، هذه تراث يستحق أن يبقى وأن يستمتع به عشاق تاريخ نجد.
وأنا أقرأ عن هيئة التراث التابعة لوزارة الثقافة فرحت جداً، أن يكون هناك كيان مؤسساتي متخصص يُعنى بالتراث الذي يزخر به هذا الوطن ولن أبالغ إن قلت إن «نجد» من أهم وأبرز مكوناته، أثق تماماً أن تراثنا وأبعاده ومكوناته سيكون منارة نهتدي بها من الماضي إلى الحاضر والمستقبل، وأن رعايته ستكون على قدر الطموح وأكثر.