فهد بن جليد
في (العالم الأول) لا يهمهم ماذا تعمل، المهم أنَّك قادر على عيش حياة كريمة، في نهاية اليوم تجد (عاملاً بسيطاً)، يجلس إلى جوار (رئيس مجلس إدارة الشركة التي يعمل بها) يأكلان في مطعم واحد، كل له أحلامه وطموحاته، ولا أحد يصادر حق الآخر، هل لاحظتم أنَّني قلت (العالم الأول)؟ المعذرة، نحن هذا العالم سنكون في المقدمة بديننا، وقيمنا، وأخلاقنا، ومبادئنا، وبعلمنا وعملنا، حتماً سنتدارك ما فاتنا بتمسكنا (برؤيتنا الطموحة) وعزيمتنا القوية.
لا أحبذ الأكل خارج المنزل نهائياً في زمن كورونا، وبحكم أنَّنا على أبواب العيد موعد (تخمة اللحم) وتوفره بأعداد كبيرة، نتيجة الكساد المتوقع لتوزيع (لحم الأضاحي) بين الجيران بسبب مخاوف الجائحة -هذا لو فتح لك أحد الباب أصلاً- بحكم كل ما سبق قبلت دعوة أحد الأصدقاء لتناول الطعام في مطعم بالرياض، تفاجأت بأنَّ الأكل الإيطالي يقدمه شيف سعودي بكل فخر، أين كُنا وكيف أصبحنا؟ ليس هو الوحيد بل هناك انتشار لافت لهذه المهنة المربحة بين عدد كبير من الشباب والشابات السعوديين في المطاعم والفنادق، هنا تذكرت قصة عبدالله (مقدم الطعام- (Waiter السعودي التي رويتها هنا في 17 ديسمبر 2014م، عندما سألته: هل تجد (حرجاً) عندما تُقدم الطعام لزبائن (سعوديين) في سنك؟ وربما كان بينهم (زملاؤك في الدراسة)؟ وأجابني حينها: أليس هذا (عملي) وواجبي الوظيفي؟ إذاً لا عيب فيما أقوم به، سابقاً كنت أجد (حرجاً)، أمَّا اليوم فأنا (فخور جداً) بما حققته، وأذكر أنَّني قدمت الطعام للسيد (بيل غيتس) ذات مرة عندما زارنا في الفندق هنا في جدة، أنجح رؤساء الفنادق في العالم بدأوا (حاملي حقائب)، وتدرجوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، لدي هدف، وسأحققه (يوماً ما)، يا لها من كلمات تبعث الأمل والسعادة.
قصة أخرى تستحق أن تروى عن الشيف التنفيذي للخطوط السعودية (ياسر جاد) الذي أخبرني أن (ابنه الصغير) كان يجد حرجاً عندما سألوه في المدرسة (ماذا يعمل والدك)؟ بعد أن قرر ياسر التحول من (العمل الإداري) ودخل المطبخ، الطفل كان في حيرة، هل يقول لهم (والدي طباخ)؟ نظرة الصغار لن ترحم (زميلهم)، فهي انعكاس لنظرة خاطئة عند كثيرين في المجتمع، المُبهج أنَّ (الشيف ياسر) نجح في تجاوز (ثقافة العيب)، وحقق له ولأسرته شهرة كبيرة، ليتقاضى (مرتباً عالياً)، ويشار له بالبنان (كشخصية عامة) وشهيرة، تظهر (في التلفزيون)، وهو رئيس لجمعية الطهاة السعوديين، رغم أنَّ ابنه خجل يوماً أن يقول (والدي طباخ) إلاَّ أنَّه فخور به اليوم، فكر في الغد، ودع غيرك ينشغل بـ(يومه)، هي ذات القاعدة التي يطبقها كل من يعمل بشرف وجد لصنع مستقبله وعيش الحياة الكريمة.
وعلى دروب الخير نلتقي.