د. خيرية السقاف
بعد غد يقف الحجيج بعرفات..
ومكة في يوم مثل هذا تكتظ بضيوف الرحمن من كل فج عميق..
يفوق عددهم الملايين..
لم تعجز هذه البلاد عن استيعابهم كل عام، وأثبتت قدرتها المذهلة، وإمكاناتها الفائقة تنظيمًا، وعناصر بشرية خادمة، وأجهزة أمن متمكنة، وقدرة على إدارة الحشود تعجز عن مثلها دول العالم العظمى!!..
ولقد نافستها «السعودية» بكل جدارة في كل شأن يتعلق بإدارة الأزمات..
وما حصر، وتحديد، وتقنين عدد حجاج هذه الشعيرة في هذه السنة إلا إمعانا في ثبات، وإثبات هذه القدرة في الأزمات تزامنا مع «جائحة» كوفيد19 التي شلت حركة الكرة الأرضية بشرًا، واقتصادًا، في الوقت الذي تلاحقت، وتتالت القرارات الرصينة في مواجهتها داخل هذه البلاد..
لسنا هنا بصدد إطراء ذاتنا، ولكن يحق لنا أن نلفت إلى دواعي محدودية عدد الحجاج من الجهات التي وفدوا منها لهذا الحج حصريًا، ومن الذين سيؤدونها من الداخل..
ذلك لأن الحج في ضوء انتشار الجائحة كان يمكن أن يقتصر على عدد محدود من الداخل، لكن لأنه ركن من أركان الإسلام، ولا يتم إلا في مكة العاصمة المقدسة لهذه الباد، فإن إتاحته لحجاج الخارج وفق ضوابط، وتنظيم، واحترازات فيها أمران؛ أحدهما تمكين الحجيج القادمين من الدول الأخرى من أداء شعيرتهم، والثاني فيه ما يؤكد، ويمثل الدور الكبير، والتضحيات الأثيرة لهذه البلاد، إذ في هذه الظروف ما سيضاعف من جهدها، وبذلها، على صعد عديدة إدارة، ومراقبة، وأمنًا، وعلاجًا، وتعقيمًا، ومتابعة، وتغذية، ومواصلات، وإيواء، واستقبالا، وضيافة، وتفانيا من أجل حماية الحجيج دون التعرض لأي عدوى، ولدرء وصولها إليهم بما يزيد من الأدوار التي يقوم بها المجندون للحج في كل عام..
وما تحديد عدد حجاج هذه السنة الاستثنائية إلا للتمكن من حمايتهم، والحرص على نجاتهم، وسلامتهم صحيًا..
إن الرسائل التي تبعثها «السعودية» لكل العالم، ليست كلمات في سطور، ولا ديباجات في نشرات أخبار، ولا تقارير منمقة، ولا ادعاءات مزيفة، وإنما هي أفعال منفذة على أرض الواقع، تنطق بذاتها، يشهدها المتاح له ميدان تطبيقها، والمقدَّم بين يديه الجهودَ التي ترعاه من مهبط مركبته قادما، إلى مغادرتها به آيبا..
فمرحبا بالحجيج على أرض السلام، والنور، والأمن، والترحاب..
وليحفظهم الله سالمين، مبرورا حجهم، مقبولا سعيهم..
والتحية الكبيرة الحميمة والصادقة لجنود، وأبطال الوطن بدءًا بصاحب القرار الراعي الأمين، وانتهاءً بكل المؤسسات، والأفراد الذين يشعلون بضوء عيونهم دروب ضيوف الرحمن.