عبده الأسمري
تتغير الأحوال من حين إلى آخر وتتبدل الأفعال بين سنين وأخرى.. ويبقى الإنسان على أعتاب القادم والمكوث في الحاضر والاتكاء على الماضي.. ويعيش كل إنسان في حياته مراحل علمية وعملية وتبقى المهنة «الكنز المعرفي» الذي يجلب للشخص الرزق بأمر الله وتنتج منه جواهر «المواهب» ولالىء «المهارات» لتوظيف المنافع والفوائد.
للمهن «أخلاقيات» حتى وإن جهلها البعض خصوصاً أن ثقافة احترام «المهنية» قد واجهت حرباً ضروسًا من «الجاهلين» و»الساذجين» الذين يريدون أن يمارسوا المهن وهي براء منهم إما بشهادة مزيفة أو خبرة واهية أو واسطة بائسة..
تعاني بعض المهن ويعاني أبطالها من دخلاء دخلوا إلى حدودها واستوطنوا مساحاتها بحكم «الفوضى» التنظيمية أو «العشوائية» المقيتة التي اختلط فيها المطبل بالمقابل فوجد «أسهمه» ترتفع في شللية تصفق للجهلاء بحكم تشابه الصفات واشتباه السلوك وتشارك الإفلاس.. فتكاثر المجتمع «الدخيل» واستعمر «مواقع» واحتل «منصات» دون انتماء.. وانبرى الجميع في تصدير «الفلس» مما جعل «المهنيين» يطلقون نداءات التحذير ثم يعلنون لاءات الاستنكار ويهددون بتأكيدات المغادرة..
اقرأ أحياناً تعريفات لأشخاص عن مهنهم وعن مهامهم وأرى بعضهم يعتلون «منصات» الواسطة و»منابر» المصالح بمسميات مضحكة تدعو للغرابة بمجرد البحث عن تاريخ الشخص وسيرته وأعماله وخبرته وحين تخاطبه أو تحاوره أو تناقشه في أمر سيستعمرك الاندهاش ويعلوك الاستغراب أمام حجم الفراغ الذهني الذي يعاني منه ومستوى الجهل المعرفي الذي يتصف به..
عندما تسلم بعض الأمور المهنية لغير المتخصصين فيها يأتي الفشل بكل سواءته ليرسم مشهد «السقوط» في كل مناحي الأعمال ويكتب حتمية «القنوط» أمام كل متابعي المجال.. في مسائل لا يصح فيها إلا الصحيح.. حتى وإن توارى العديد من الجاهلين خلف أسوار البهرجة والشهرة وإن حاول تغطية «نقصه» المهني بسخف لا يمرر إلا على فئة لا ترتقي «للرأي» ولا تمثل «المتذوق» ولا ترتبط بالذوق.
للمهن أدوات وشروط وضوابط تشكل «القيمة» الحقيقية للمهنة ويراعى فيها الانتساب والانتماء والارتباط بها.. بدءاً من مرحلة البدء بشرط الملائمة ثم الممارسة بواقع الاجتهاد ثم الاحترافية بوقع السداد وصولاً إلى الإجادة والجودة.
أسفت بتحول بعض المهن إلى مسرح للدجل من خلال بيع «الوهم» وترويج «التوهم» بواسطة فضوليين اقتحموا أسوارها وأقاموا فيها ثم استغلوا «اسم المهنة» للمتاجرة بنشاطاتها ومهامها وتسويق منتجاتها على «ضحايا» و»غافلين» أما لنقص الوعي أو تناقص الفهم.
تخلت بعض الجهات عن حماية حقوق «المهن» التي تقع تحت أشرافها وسمحت للجاهلين بأن يشوهوا الصورة الذهنية المرتبطة بالمنطق والمعتمدة على الدراسة والخبرة والممارسة حتى رأينا من يمتلك بطاقات مهنية ويتجول بها في المؤتمرات والمعارض والمواقع وهو لا يعرف «ألف باء» المهنة التي ذيلت اسمه..
هنالك تعدٍ على مساحات المهن واعتداء على ساحات الحرف.. في وقت كانت تلك المواقع مسيجة بحدود «العقاب» ومحمية بخطوط «الحساب» ولكن التساهل والتغافل والتجاهل حولها إلى مسرح دجل يرسم مشاهد «التضليل» لجنى المال أو حصاد الشهرة على حساب الاحترافية مما جعل الاحتيالات» مسهلة و»المخرجات» مخجلة.
هنالك أبعاد تأخذ الموضوع من سفاهة الدجل إلى متاهة الجدل في ظل تجاوز بعض الفارغين إلى التحدث باسم المهن والنطق بمعنى النشاط في منصات كان الأجدى بها أن تدافع عن «حقوق» الملكية المهنية التي انتهكت بفعل «الحيل» وبأمر «التحايل» فكانت «الجناية» مؤلمة على الهواية وأليمة على الهوية..
المهن خط أحمر يجب ألا يتم تجاوزه حتى يتبين الشخص المهني من غير المهني مع أهمية أن تجند الجهات المعنية والمنصات المعرفية من طاقاتها ومن جهودها لوقف هذه التجاوزات وإصدار قرارات لرصد كل معاني الاحتيال على المهن وإيقاع جميع العقوبات على المتورطين لوقف الدجل المهني الذي صنع لدينا توهان التعريف ومنع الجدل الذاتي الذي أوجد بيننا هذيان التوصيف.لتسمية الشخصيات باسمائها ووضع الأمور في نصابها.