رجاء العتيبي
عندما تتحدث أو تنتج أو تبدع أو تلبس أو تتحرك كن - فورًا - مع الاتجاه السائد في الفن, عش الاتجاه السائد بكل تفاصيله, لا تعترض ولا تقف ولا تجادل, كن مع الاتجاه السائد وكفى. والاتجاه السائد ليس واحدًا, قد يكون أكثر من اتجاه، حسب العمر، وحسب الأحداث، وحسب الزمن. كن مع آخر (صيحة) ولا تتردد.
إذا عرفنا أن مع كل عقد من الزمان يحدث تغيير في كل ما حولك فما بالك مع جيل كامل. كل التفاصيل تبدو جديدة، وكل الفنون تبدو غريبة عليك, وإذا ما رحت تنتقد كل جديد ستبقى مكانك, وستكون موضع قلق من الآخرين. إما أن تركب موجة الاتجاه السائد, أو عد مكانك وبدون إزعاج للناس المعاصرين. عد إلى مرسمك, عد إلى مسرحك, عد إلى موسيقاك, عد إلى رواياتك, ولا تزعج الآخرين (الناس الجدد).
تفاهمات
تفاهم1: تجنب ردود الأفعال التي تستهجن فيها الاتجاهات السائدة. لا تنتقد اللباس المنتشر, ولا الأغاني الجديدة, ولا اللوحات التشكيلية. لا تبدِ امتعاضك وغضبك واحتجاجاتك؛ فلكل شخص الحق في أن يعبّر عن فنونه واتجاهاته وموروثاته بالطريقة التي يريد من دون وصاية من أحد.
تفاهم2: تجنب تكرار الحديث عن الاتجاهات السائدة «أيام زمااان», وتوقف عن سرد قصصك وبطولاتك القديمة, ولا تقل لمن حولك أنكم «أيام زمااان» أفضل, واللبس أفضل، والغناء أفضل، والمسرح أفضل.. ستكون موضع شفقة عندما تمدح زمنك واتجاهك القديم بمناسبة وغير مناسبة, مهما يكن لن تقنعهم بأنك الصح, وغيرك من الاتجاهات السائدة خطأ؛ لأن الحياة أذواق لا حصر لها, ولست مديرًا لشركة الأذواق حتى تقرب وتبعد, تدني وتقصي، وتوظف وتفصل.
تفاهم3: لا تقل إن الفن فسد وضاع وانتهى لمجرد أنه لم يوافق اتجاهاتك القديمة, أو التي تعتقد أنها صحيحة, أو التي ترى أنها غير قابلة للتغيير, لا (تتحلطم)، اترك الفنون وشأنها، دعها تمضي ولا تقف في طريقها؛ فالمدارس الفنية ظهرت وانتشرت وتعددت وتوالدت وأنتجت, ولم تعبأ بالذي وقف في طريقها.
تفاهم4: الذي نعرفه من تاريخ المدارس الفنية أن المدرسة الجديدة تأتي على أنقاض مدرسة سابقة لها, وهكذا. أما أنت كـ(مدرسة) قديمة، تسعى إلى أن تنقض (مدرسة) جديدة, فهذا أمر من الصعب حدوثه. كيف لاتجاه قديم أن يمسح اتجاهًا جديدًا؟ المدرسة الجديدة هي التي تأتي على أنقاض القديم. إنها سُنة الحياة.