فهد بن جليد
اليابانيون يروجون لمفهوم جديد للسعادة، يعتمد الإجابة على (أربعة أسئلة) وفق نظام فلسفي يُطلق عليه (الإيكغاي)، أي هدفك في الحياة، أو قيمتك في هذه الدنيا التي تجعلك جديرًا بالعيش فيها، بالاعتماد على الصراحة مع نفسك فيما تملك؟ وما تريد؟ لاختيار نمط العيش الذي يناسبك وتفضله، لكنَّ الفضول يجعل الإنسان دائماً يبحث عن مصادر جديدة للسعادة في مُختلف الثقافات والقيم الاجتماعية، وإن كان المال وراحة البال معايير يُعتقد أنَّها من مصادر السعادة الثابتة في نظر الأغلبية، إلاَّ أنَّ ثمَّة مقاييس ومصادر مُتباينة من شخص إلى آخر في ذات الثقافة، وبحسب احتياج كل إنسان وظروفه وقناعته، حتى أنَّ أصحاب المال ما زالوا يبحثون عن السعادة مثل الفقراء أيضاً، ما يدلُ على عدم وجود معايير مُطلقة للسعادة يعترف ويؤمن بها الجميع، فالسعادة ليس لها (نشوة) يمكن الوصول إليها أصلاً، بل هي سراب لا حقيقة له، على الإنسان أن يكتفي بالقدر الذي يريد من سباق الوصول إليها، والاقتناع ببلوغ ما يكفيه، ويلبي طموحه، ويرضي غروره.
يمكنك تخيل ذلك لو حاولت الإجابة على أسئلة فلسفة (الإيكغاي) اليابانية الأربعة: ماذا تُحب حقاً؟ ما هو أفضل عمل تقوم به؟ ماذا يحتاج منك العالم أو ماذا يمكنك أن تعطي العالم؟ ما الذي يمكنك دفعه للوصول إلى ما تريد؟ فطريقة بحث اليابانيين عن السعادة لا تغفل أهمية العمل والبذل والعطاء والتصالح الداخلي مع النفس بشفافية، والتكيف مع محيطك الخارجي، حاول اليوم أن تضع معايير شخصية لسعادتك، ستجدها تختلف عن معايير السعادة عند أخيك أو ابنك أو حتى زوجتك، فهناك من يراها في سد الحاجيات (توفر المال، وجود المنزل، السيارة، الزواج، الحصول على وظيفة، الحلم بالاستقرار)، وهناك من يراها في تحسين المجودات (منزل أكبر، زوجة أجمل، مال أوفر، وظيفة مرموقة أكثر. إلخ)، وعلى النقيض هناك من يملك كل ما سبق وما زال يبحث عن السعادة؟ فلا معايير مُطلقة للسعادة عند كُل البشر.
في النظرية اليابانية لا يربطون السعادة بالماديات في يد الإنسان، بل بالغيبيات غالباً مثل غيرهم من الباحثين، ليتأكد -في كل مرَّة- صواب نظرية الحطيئة قبل أكثر من 1400 سنة فيما نُسب إليه من قول:
(وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
وَما لا بُدَّ أَن يَأَتي قَريبٌ
وَلَكِنَّ الَّذي يَمضي بَعيدُ).
وعلى دروب الخير نلتقي.