عطية محمد عطية عقيلان
يجذب الصيد بالصقور هواة ومحبين في مختلف دول العالم، وتحتاج ممارستها إلى مهارة وفن وصبر ومثابرة وإصرار، ويحرص هواتها على تخصيص أيام أو أسابيع في السنة لممارستها، فهي تحقق متعة وراحة بال، وتصفي ذهنهم وتنسيهم همومهم ومشاكل الحياة، وقد تكون هذه ميزة مشتركة عند ممارسة مختلف الرياضات، أو الهوايات لأنها تضفي جمالا وبهجة على الحياة، وتعود بالفائدة ورفع اللياقة النفسية والصحية. وما يميز الصقور بشكل عام جمالها المبهج وخاصة عند تحليقها عالياً في السماء وفرد جناحيها في منظر رائع وجذاب، وكأنها تفخر بقوتها واعتزازها بسيطرتها ونظرتها الحادة لرؤية واقتناص فريستها بقوة وثبات وشجاعة، لذا عند وصف شخص بأنه مثل الصقر يفرح بهذا المدح الإيجابي الذي يعبر عن القوة والشجاعة والإقدام والمثابرة والسرعة. وعلى النقيض من يتصف بأنه كالبومة فهي ذم للشخص بما يحمله من صفات الكسل والتشاؤم وسوء الطالع وقسوة في المظهر والقول، فهو يستمتع بنقل الأخبار السيئة وتعكير العلاقات والفتنة بين الزملاء والأصدقاء والأقارب، ودوماً لديه الشك وسوء النية والتدقيق في كل شيء والبحث عن الخفايا لا يعرف التحليق عالياً بل كالبومة التي لا تراوح ظلها كما يقال.
لنطبق ذلك في تفسير سلوكنا البشري، فنحن نقابل ونعايش الكثير من الناس ونتابع مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ونرى أشخاصا يذكروننا بالصقر فهم يحلقون بعقولهم وأخلاقهم عالياً، ويملكون أجنحة رائعة تنشر السعادة والتفاؤل والأمل وويهبّون لتقديم يد المساعدة قبل طلبها، يقع نظرهم الحاد فقط على كل جميل يعزز الطمأنينة والرضا والفرح وتطوير الذات والتعايش بحب وتسامح، تراهم يصطادون وينشرون من القصص والأخبار ما يبعث على الأمل والدعم النفسي والإيجابي لتقبل الحياة والابتهاج بها فتجدهم أثناء جائحة كورونا ينشرون أرقام التعافي وقصص النجاح في التعامل والشفاء منه، ويقترحون ما يسعد في كيفية قضاء الوقت والاستمتاع بفترة الحجر وكيفية كسب هوايات جديدة، ويرسلون كل بارقة أمل في لقاح أو دواء بعيداً عن التهويل والتشاؤم ونشر الذعر، فالتواصل معهم يبهجك ورسائلهم تفرحك واتصالهم يبعث فيك الأمل والتفاؤل، وهناك أناس في المقابل يذكرونك بالقصص الخرافية التي تقال عن البومة (رغم عدم صحة كثير منها) فتجدهم يتفنّنون في البحث عن الأخبار الشاذة والمتشائمة والتنبؤات عن الأنظمة والقوانين المفزعة والمخيفة التي ستصدر وتجدهم أول من ينشر أعداد المصابين في كورونا حول العالم والوفيات ودرجات الحرارة العالية والجرائم والسرقات والأمراض... إلخ، المهم أن تكون ذات طابع سلبي بمجرد اتصالهم أو ورود رسالة منهم تعرف أن هناك خبراً سيئا مع عدم مراعاة أوقات التواصل وإرسال الأخبار تراهم أكثر الناس في نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة والملفقة دون تدقيق أو تمحيص في آثار أخباره الحزينة والكاذبة على من حوله.
لنتذكر بحاجتنا إلى أجنحة الصقر في حياتنا لنحلق عالياً ونستمتع بها مع مراجعة سلوكنا وعاداتنا والتفكير عند إرسال أو إعادة إرسال ما يصلنا بعدم نشره إلا بعد التأكد من صحته، وأنه خبر إيجابي مفيد وتحكيم المنطق والعقل في النقل فنحن لسنا وكالة أخبار أو مصدرا إخباريا، لدينا المعلومات ومطلوب منا أن ننشرها أولاً بأول، ومهما أضفنا من عبارات وتذييلها عند إعادة الإرسال بعبارة (كما وصلني) فهي لا تعفي من المسؤولية القانونية والعاقبة الأخلاقية، ولنتذكر قصة الإمام الشافعي - رحمه الله - عندما جاء إليه رجل وقال له فلان يذكرك بسوء فقال له: إن صدقت فأنت نمام وإن كذبت فأنت فاسق.