د. محمد عبدالله العوين
لأول مرة يتم إغلاق الأجواء في معظم مطارات العالم هذا الصيف، ولم يفتح لاستقبال الرحلات الدولية إلا عدد محدود جدا من مطارات مدن عالمية قليلة ووفق شروط صحية قاسية، واقتصرت دول عدة على الرحلات الداخلية بين مدنها مع تطبيق الشروط الصحية المشددة للوقاية من فيروس كورونا.
صيفٌ غيرُ عادي على مستوى العالم كله؛ وبخاصة الدول الأوربية التي اعتاد الكثير منها استقبال المصطافين العرب، غير عادي أيضا علينا نحن السعوديين وأبناء منطقة الخليج العربي، حيث ترتفع الحرارة في شدة القيظ إلى ما فوق 50 درجة، وتتفاوت دول الخليج في الرقم الذي تسجله درجات الحرارة، ففي بعضها ترتفع إلى 55 درجة، وقد رأيت في إحدى دول الخليج حين خرجت من الفندق عند الساعة الثانية ظهرا فقاعات الإسفلت تنتفخ من بين الشقوق الصغيرة في الشارع المعبد أمام الفندق، وعذرت أبناء هذه الدولة العزيزة من دول الخليج العربي حين يفر الكثيرون منهم إلى أصقاع الأرض الباردة، وتتفاوت درجات الحرارة من بلد إلى آخر؛ بل من منطقة إلى أخرى في الدولة نفسها؛ إلا أن الجميع هذا الصيف (مكره أخاك لا بطل) على قضاء موسم الاصطياف في الداخل، وكان كثيرون اعتادوا على قضائه في الدول التي يعتدل فيها الجو أو تكثر فيها الأمطار، أو تلك التي تحضن ضمن جغرافيتها مرتفعات جبلية شاهقة باردة أو مثلجة؛ كما هو شأن المدن التي تقع على امتداد جبال الألب في سويسرا وفرنسا وإيطاليا على سبيل المثال.
لا شك أن إغلاق المطارات الإجباري الذي فرضه الفيروس في معظم أنحاء العالم دعا كثيرين إلى البحث عن الأجواء الباردة في الداخل إما بالطيران بين المدن بشروطه الصحية أو بالسيارات وإن طالت المسافات للوصول إلى المناطق الباردة في أبها وفيفا والباحة والطائف، وقد ازدحمت هذه المصايف الباردة الجميلة بالمصطافين القادمين من أنحاء المملكة ومن دول الخليج العربي، وقد كان حظا طيبا للمصطافين في هذه المدن نزول الأمطار بوفرة شديدة وتراكم السحب في معظم الأوقات مما يلطف الأجواء، وقد تواصل نزول الأمطار أياما عدة بين انقطاع فعودة على كثير من مدن وقرى عسير والباحة والطائف، وموسم الصيف في الطائف على الأخص يزخر عادة بغنى ووفرة فواكه الطائف المعروفة بتميزها وحلاوتها كالعنب والبرشومي والرمان والتين.
هل عوضت أبها وفيفا والباحة والطائف من ارتادها للهروب من الأجواء الحارة وبخاصة من اعتاد قضاء اصطيافه خارج المملكة في الدول الأوربية الباردة ؟ لا نعلم، لكن هي فرصة ممتازة لاكتشاف مزيد من مناطقنا الجميلة التي تحتاج إلى تكثيف الاهتمام بالطرق البرية وسكك الحديد والمطارات الصغيرة والفنادق والشقق السكنية الممتازة لجلب المصطافين؛ بحيث يعتادون على زيارة هذه المصايف التي تتمتع بأجواء باردة وأمطار وسحب وفواكه موسمية كل صيف.
أما مدن أوروبا؛ لندن وباريس وجنيف وفيينا وميونيخ ومصايفها التي اعتادت استقبال أبناء دول الخليج وأسرهم كل صيف؛ فقد افتقدتهم بشدة هذا العام فنادقها وشوارعها وأسواقها ومطاعمها ومقاهيها التي كانت تعمر بهم وبسخائهم.