علي الخزيم
شريحة مجتمعية ترى أن من سلبيات جائحة كورونا حرمانهم من (وناسة) حفلات الأعراس وغيرها، كحفلات التخرج، ونجاح الطلاب، والاستقبالات عند زيارة المباركة بالمواليد وعقد الزواج (الملكة والشبكة)؛ فهي تشكل لهم متنفسًا ومحيطًا من اللقاءات المنتظرة، ولتستثمرها بعض النساء لارتداء الجديد من الموضة والألوان وكماليات الزينة. ولا اعتراض على ذلك؛ فهو شأن شخصي، غير أن فئة اجتماعية ترى أن كورونا قد سجل إيجابيات، منها تعويد الناس على اختصار تكاليف أفراحهم ومناسباتهم جملة، والاكتفاء بدعوة المقربين. وعبّر كثيرون بأنهم وجدوا ارتياحًا نفسيًّا وراحة بدنية من أعباء المتابعة والصرف لإتمام المناسبة، مؤكدين أنها كانت أسعد بالصورة الميسرة المختصرة. كما تداولت المجالس أحاديث عرسان متزوجين حديثًا يعبّرون بأنهم لم يفوّتوا هذه الفرصة المواتية؛ كونها وفّرت لهم مبالغ كان بعضهم ربما سيلجأ إلى اقتراضها لإتمام زواجه؛ فهربوا من أعباء ديون تثقل كاهل كثير من المقدمين على الزواج نتيجة مصروفات يمكن تجاوزها لو تعاون المجتمع في وجه المظاهر والكماليات غير الضرورية.
هنا لا بد من استدراك أن من وهبه الله القدرة المالية، ويرغب في تبسيط الأمور، والاستمتاع بالمناسبة، وإمتاع الأسرة والمحيطين به، فلا تثريب عليه، ولاسيما إذا تم ذلكم دون إسراف وإهدار وامتهان للنعم.. فكلٌّ يتنعم ويصرف حسب إمكاناته وقدراته ورغبته، ولا يحق لغير القادرين محاسبته بتوجيه اللوم والانتقاد والتعليقات العابرة للأجواء دون تقدير لحالته وموقفه ورغباته ومحيطه ومركزه الاجتماعي.. فلا تجوز مقارنة هذا بذاك لئلا نقع بمقارنة ومحاكمة غير عادلة. ولا تشفع لنا عدم مقدرتنا على مجاراة الآخرين أن نظلمهم ونجور عليهم بالتشنيع والنقد والتجريح بالمجالس وبين الأقران والأقارب. فلنحاول أن نكون خصومًا لأنفسنا، ولنستشعر حين نقدهم أنهم بيننا، فهل سنجرؤ على هذا الطرح؟ ومَن يُجِب بأنه سيجرؤ فليبادر بمخاطبتهم على انفراد إن أراد النصح والإرشاد؛ لتكون الفائدة أبلغ للطرفين، وليسمع المبررات بلسان صاحبها؛ فلعل قناعة تبرز تلك السويعة تغيّر مسار تفكير هذا الناقد أو (الناقم)!
واقع الحال في بعض الحفلات - وأخص مناسبات الأعراس عند عامة بسطاء المجتمع - يثير الشفقة على من تولى زمام الأمر؛ ففي صالة استقبال الرجال تشاهد مبالغة بتنوع الأطعمة بما يكفي لضعف عدد المدعوين، وهنا قد يحتج بعضهم بأن أعدادًا منهم لم تحضر، ورغم ذلك فقد تبدو مظاهر المبالغة حاضرة. أما في صالة النساء فيتحدث القوم عن بدع تتزايد ويمارَس خلالها وبها سباق وتبارٍ بين بعض النسوة، وكأنه تزاين وتنافس نحو الأكثر صرفًا وإسرافًا. ومن الأحاديث يُفهم أن جدران الصالات تغطَّى بالحرائر والستائر والأقمشة المزركشة، وتتخللها ومضات الرسوم الضوئية الإلكترونية، وباقات من الورود والزهور التي لا تلبث أن تداس تحت الزحام، وانتشاء بعض الحضور طربًا على أنغام أجهزة الـ(Dj)، خلاف أصناف الفواكه والحلويات والمعجنات وأواني العصائر.. ولا تدري كيف ستتناول المدعوات العشاء بعد كل هذه النِّعَم؟!
فيروس كورونا دون عمد علَّمنا - بقدرة الله سبحانه - دروسًا لعلنا نستوعبها، ونسبِّح بحمد الله.