عمر إبراهيم الرشيد
نشرت الصحف الأمريكية عام 1977 خبراً عن امرأة تبلغ من العمر ثلاثة وستين عاماً واسمها (لورا شولتز) قامت بعمل خارق للطبيعة وذلك حين رفعت سيارة من مؤخرتها من طراز «بويك» لكي تحرِّر ذراع حفيدها من تحت السيارة. وحين انتشر الخبر في الصحف ومحطات التلفزة حينذاك، هرع الصحافيون ومراسلو وكالات الأنباء إلى منزل تلك السيدة لاستجلاء الواقعة وتفاصيلها، ومن بينهم كاتب في التنمية الذاتية يدعى (تشارلز جارفيلد). كانت تلك السيدة نفسها في حالة صدمة مما حدث وران عليها صمت وشيء من الحزن، فحاول معها هذا الكاتب أن تتحدث عمَّا يعتمل في نفسها إلى أن قالت إنها تشعر بالحزن لأنها أضاعت فرصاً في حياتها من قبل، حيث كانت تحجم عن مبادرات وإنجازات لظنها بعدم قدرتها على تحقيقها، فأتت هذه الحادثة لتنسف أموراً كانت تعدها حقائق، فلم تعد تدرك ما المستحيل وما الممكن؟!
يقول علماء النفس والأعصاب إن الإنسان يستخدم 10 % فقط من مخه وقدراته الذهنية، وإن العقل يمكن تدريبه واستنفار طاقاته الكامنة بطرق مختلفة، ومن بينها بالطبع عملية التحصيل المعرفي والحفظ والتأمل والتركيز، هذا للتذكير بما وهبنا الله تعالى من قدرات ونعم ميَّزنا بها عن باقي المخلوقات، حتى قال علماء النفس إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفكر في تفكيره! ومن يقول بفصل الدين عن العقل وأن ما لا يقبله العقل فلا يمكن تصديقه كما هو الفكر المادي البحت، نعيده إلى مسألة رفع القلم والتكليف عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون أو المريض النفسي حتى يشفى، والصغير حتى يبلغ الحلم، فلا تناقض بين العقل والدين إلا في عقول من يرفضون التفكير الصحيح. ومع كل ما عُرف عن عقل الإنسان وقدراته الظاهرة والكامنة، فإن هناك حدوداً بالطبع لقدرات الإنسان مهما بلغ من ذكاء ونشاط وقوة فكرية أو بدنية أو مالية. إذا فما الذي حدث مع تلك السيدة وهي التي لم ترفع من قبل ثقلاً بربع وزن تلك السيارة؟ يقول الله تعالى في كتابه الكريم {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} سورة غافر آية 7 . يقول الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى - عن هذه الآية: «هذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات حتى الكفار، لأن الله قرن الرحمة مع العلم وكما يعلم الكافر يرحمه، وبالطبع هي رحمة دنيوية جسدية مختصة بحياته الدنيا من مأكل وملبس وعلم وعمل، والغاية الأسمى لكي يخدم البشر بعضهم بعضاً وتعمر الأرض، ويتم الحساب يوم القيامة وتختص رحمته تعالى بمن يعبده ولا يشرك به شيئاً». هذه القصة وغيرها مما لا يحصى عبر التاريخ قديمه وحديثه، يعتبرها الغربيون وبعض الشرقيين أموراً خارقة للطبيعة وهي فعلاً كذلك، لكن أغلبهم لا يملكون التفسير الذي نجده في القرآن والسنة النبوية، وبالطبع لا نتحدث عن السحر والسحرة، لأن هذا أمر مختلف تماماً، إلى اللقاء.