عبد الرحمن بن محمد السدحان
• أتحدث اليوم عن تلك القامة المتعدّد المواهب والعطاء المبدع، أديبًا ومفكرًا وشاعرًا محلقًا ووزيرًا، ذلكم هو معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -رحمه الله-، وكان إلى جانب ذلك كله نجمًا يعشقه ضياء المحبة حيثما حلّ، يشدُّ الأسماعَ إذا تحدث والأبصار إذا كتب، وهو المهذّب تعاملاً مع مَن حوله، رئيسًا أو مرؤوسًا أو رفيق عمل!
* *
• نعم.. ذلكم هو غازي العملاقُ، تحسبُه أول ما تراه بعيدَ المسافات لا يراه بصرٌ ولا تدركه بصيرة، كبرياءً أو ترفعًا، فإذا دنوتَ منه معرفةً وإحسَاسًا إذا هو أرقُّ من نسيم الفجر تَعاملاً، وأزكى من بوح الورد عطرًا!
* *
• نعم.. هو غازي تلك القلعة من الفكر والقامة المنيفة، يُبهركَ تواضُعه الذي لا يخصُّ به أحدًا دون آخر، كان من أهمَّ خصاله أنه يحترمُ مَن يختلفُ معه في الرؤية والرأي، فيجادله جَدَلاً حسَنًا بالكلمة المقروءة والمسموعة، فإمّا أقنعه أو اقتنع أو تَركَه لشأنه، ثم تعجَب فيما بعد وأنتَ تشاهُد وتسمعُ تواصلَ أنفَاس الودَّ بين الاثنين، وكأن شيئًا بينهما لم يكن! لم يُظهر لأحد في نفسه غلاً ولا ضغينةً ولا كرهًا، كانت عفةُ اللسان ونقاءُ السريرة وصفاءُ الوجدان صراطًا مستقيمًا يربطه بمَن حوله حتى آخر لحظة!
* *
• شرُفتُ بمعرفته عن كثب عبر أربعين عامًا، بدءًا من لوس أنجلوس الأمريكية، يوم كان كلُّ منا طالبًا مبتعثًا في جامعة جنوب كاليفورنيا، كنتُ وقتئذ أخطو خطواتي الأولى في صفوفها، فيما كان غازي في أواخر مرحلة الماجستير في مجال العلاقات الدولية، وقد منحني القربُ منه داخل تلك الجامعة وخارجها فرصةً لا تُعوض لأتعلَّمَ عنه ومنه الكثير، مما أفادني في مشواري الأكاديمي بدءًا، ثم ما تلاه لاحقًا عبر مراحل عمري الأخرى، وكان في كل الأوقات نعم الناصح ونعم المشير!
* *
• توثَّقت عُرى الودِّ بيننا بعد انتظام كلٍّ منا في مساره المهني والأُسَري في الرياض، كنت أراه مرةً أو مرتين في الأسبوع الواحد، فيشدُّني حديثه، وكان يحلو له مداعبتي مازحًا عبر مواقف مشتركة، قديمة وحديثة.
* *
• وأذكر أنه خلال فترة الدراسة الجامعية في كاليفورنيا، تمَّ انتخابه من قبَل الطلاب السعوديين والعرب في جامعة جنوب كاليفورنيا ليرأسَ فرع جمعية الطلاب العرب في الجامعة، واختارني هو (أمينًا لصندوق الفرع) الذي لم يكن له مورد مالي ثابت سوى ما تدُّره رسوم العضوية تحصيلاً متواضعًا من الطلاب أو التبرعات إن وُجدت!
* *
• لم تخلُ هذه المهمة من بعض الحرج حينًا ومن المواقف الطريفة حينًا آخر، إذ كان بعض الطلاب الأعضاء من سعوديين وعرب (يُماطلون) في دفع رسوم اشتراكاتهم الزهيدة قيمةً، وكنتُ أذكّرُ بعضَهم بـ(جلاّد) الضرائب كلَّما رأوني، ومن هذا الموقف وحده استمدّ (الرئيس) غازي بعضًا من ملَحه وطَرائفه تعليقًا على أدائي المتعثّر في تعزيز موارد صندوق الفرع!
* *
• وذات يوم، لم يستطع -رحمه الله- أن يقاومَ هاجس الدعابة بعد أن شاهدني في حفل للجمعية مرتديًا ربطة عنق جديدة، كان سعرها أقل من عشرة دولارات، فابتسم -رحمه الله- وهو يشير إليّ وإلى ربطة العنق، متسائلاً: (من أين لك هذا يا عبدالرحمن)؟! وأشار إلى ربطة العنق، وهنا سمعت هتافًا من بعض أرجاء القاعة بصوت واحد: نعم نعم.. لقد فَعَلها عبدالرحمن! ورددت داخليًا في نفسي! (قاتل الله مكركم أيُّها الأحبة الأعداء)!
* *
• رحم الله أبا يارا، وجعل جنة الخلد مأواه، ورحم مَن جَايَلهُ من رفاق الدرس في أمريكا، وأسعد من بقي منهم حيًّا، وكتب لنا جميعًا مقامًا محمودًا في فردوسه الأعلى، إنه السميع العليم والقادر على ذلك!
• أتحدث اليوم عن تلك القامة المتعدّد المواهب والعطاء المبدع، أديبًا ومفكرًا وشاعرًا محلقًا ووزيرًا، ذلكم هو معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -رحمه الله-، وكان إلى جانب ذلك كله نجمًا يعشقه ضياء المحبة حيثما حلّ، يشدُّ الأسماعَ إذا تحدث والأبصار إذا كتب، وهو المهذّب تعاملاً مع مَن حوله، رئيسًا أو مرؤوسًا أو رفيق عمل!
* *
• نعم.. ذلكم هو غازي العملاقُ، تحسبُه أول ما تراه بعيدَ المسافات لا يراه بصرٌ ولا تدركه بصيرة، كبرياءً أو ترفعًا، فإذا دنوتَ منه معرفةً وإحسَاسًا إذا هو أرقُّ من نسيم الفجر تَعاملاً، وأزكى من بوح الورد عطرًا!
* *
• نعم.. هو غازي تلك القلعة من الفكر والقامة المنيفة، يُبهركَ تواضُعه الذي لا يخصُّ به أحدًا دون آخر، كان من أهمَّ خصاله أنه يحترمُ مَن يختلفُ معه في الرؤية والرأي، فيجادله جَدَلاً حسَنًا بالكلمة المقروءة والمسموعة، فإمّا أقنعه أو اقتنع أو تَركَه لشأنه، ثم تعجَب فيما بعد وأنتَ تشاهُد وتسمعُ تواصلَ أنفَاس الودَّ بين الاثنين، وكأن شيئًا بينهما لم يكن! لم يُظهر لأحد في نفسه غلاً ولا ضغينةً ولا كرهًا، كانت عفةُ اللسان ونقاءُ السريرة وصفاءُ الوجدان صراطًا مستقيمًا يربطه بمَن حوله حتى آخر لحظة!
* *
• شرُفتُ بمعرفته عن كثب عبر أربعين عامًا، بدءًا من لوس أنجلوس الأمريكية، يوم كان كلُّ منا طالبًا مبتعثًا في جامعة جنوب كاليفورنيا، كنتُ وقتئذ أخطو خطواتي الأولى في صفوفها، فيما كان غازي في أواخر مرحلة الماجستير في مجال العلاقات الدولية، وقد منحني القربُ منه داخل تلك الجامعة وخارجها فرصةً لا تُعوض لأتعلَّمَ عنه ومنه الكثير، مما أفادني في مشواري الأكاديمي بدءًا، ثم ما تلاه لاحقًا عبر مراحل عمري الأخرى، وكان في كل الأوقات نعم الناصح ونعم المشير!
* *
• توثَّقت عُرى الودِّ بيننا بعد انتظام كلٍّ منا في مساره المهني والأُسَري في الرياض، كنت أراه مرةً أو مرتين في الأسبوع الواحد، فيشدُّني حديثه، وكان يحلو له مداعبتي مازحًا عبر مواقف مشتركة، قديمة وحديثة.
* *
• وأذكر أنه خلال فترة الدراسة الجامعية في كاليفورنيا، تمَّ انتخابه من قبَل الطلاب السعوديين والعرب في جامعة جنوب كاليفورنيا ليرأسَ فرع جمعية الطلاب العرب في الجامعة، واختارني هو (أمينًا لصندوق الفرع) الذي لم يكن له مورد مالي ثابت سوى ما تدُّره رسوم العضوية تحصيلاً متواضعًا من الطلاب أو التبرعات إن وُجدت!
* *
• لم تخلُ هذه المهمة من بعض الحرج حينًا ومن المواقف الطريفة حينًا آخر، إذ كان بعض الطلاب الأعضاء من سعوديين وعرب (يُماطلون) في دفع رسوم اشتراكاتهم الزهيدة قيمةً، وكنتُ أذكّرُ بعضَهم بـ(جلاّد) الضرائب كلَّما رأوني، ومن هذا الموقف وحده استمدّ (الرئيس) غازي بعضًا من ملَحه وطَرائفه تعليقًا على أدائي المتعثّر في تعزيز موارد صندوق الفرع!
* *
• وذات يوم، لم يستطع -رحمه الله- أن يقاومَ هاجس الدعابة بعد أن شاهدني في حفل للجمعية مرتديًا ربطة عنق جديدة، كان سعرها أقل من عشرة دولارات، فابتسم -رحمه الله- وهو يشير إليّ وإلى ربطة العنق، متسائلاً: (من أين لك هذا يا عبدالرحمن)؟! وأشار إلى ربطة العنق، وهنا سمعت هتافًا من بعض أرجاء القاعة بصوت واحد: نعم نعم.. لقد فَعَلها عبدالرحمن! ورددت داخليًا في نفسي! (قاتل الله مكركم أيُّها الأحبة الأعداء)!
* *
• رحم الله أبا يارا، وجعل جنة الخلد مأواه، ورحم مَن جَايَلهُ من رفاق الدرس في أمريكا، وأسعد من بقي منهم حيًّا، وكتب لنا جميعًا مقامًا محمودًا في فردوسه الأعلى، إنه السميع العليم والقادر على ذلك!