رقية سليمان الهويريني
يبدو أن مرحلة من التحول والتغير بدأت تطرأ على مجتمعنا بعد التحوطات والاحترازات من انتقال فيروس كورونا وما سبقها من حالة الترف التي جعلت الاجتماعات العائلية الصغيرة لا تنعقد إلا في استراحات كأحد أشكال المباهاة، حيث يلاحظ انتشار إعلانات عن بيع الاستراحات المعدة للتأجير، بعد أن تحولت إلى ظاهرة تحمل الكثير من الأخطاء، ابتداءً من امتلاك مساحات كبرى حول المدن وفي وسطها، مما يشير إلى بيئة غير صحية، سواء من حيث ارتفاع أسعار الأراضي أو مزاحمتها التخطيط العمراني، أو استنفادها الخدمات المختلفة من الكهرباء والماء، فضلاً عن الإسراف في المأكولات، والحاجة للعمالة الهامشية كالحراس والخدم والصبابين ومَن في حكمهم!
وهذه الفوضى أوجدت عبئاً اقتصادياً على تخطيط المدن، إضافة إلى التفكك الأسري بعد أن تحولت الاستراحات لمكان للمراهقين والشباب وحتى أرباب الأسر الذين يهربون من واجبات العائلة والروابط الأسرية ومسؤولياتها! وظهرت حالة من الشكوى والتذمر من تشتت العوائل، وضياع الشباب، كما أن بعضها أصبح موقعاً ملائماً لصناعة الخمور وتعاطي المخدرات، وإقامة العمالة الهاربة، وإيواء الإرهابيين وتدريبهم وتشكيل الخلايا النائمة، فهي حينئذ تشكِّل تهديداً أمنياً!
ولعل من حسنات المرحلة الحالية التخلّص من بعض الاستراحات السيئة التي سببت تمزقاً في النسيج الأسري والتجمعات المشبوهة، والإبقاء على استراحات العوائل التي تجمعهم بشكل دوري إما شهرياً أو ربع سنوي أو في الأعياد والمناسبات أو ما يُسمى بالدوريات العائلية وهي فرصة للقاءات وتبادل المشاعر وصلة الرحم، حيث لا تستوعب بعض المنازل الصغيرة الأعداد الكبيرة من الأقارب.
وأياً كان الشكل والوظيفة؛ فإنه من الضرورة نشر الدوريات الأمنية ومتابعة المستأجرين ووضع لوائح وتعليمات واضحة، مع توخي الأمن والسلامة فيها، كونها جزءاً من الترفيه. ولعله من المجدي استثمار تلك الاستراحات وتحويلها لمقرات للسكن العائلي والمساهمة في حل مشكلة شح الأراضي السكنية.