تتميز المملكة العربية السعودية بوجود أهم مواقع التاريخ الإسلامي المرتبطة بتاريخ الرسالة الإسلامية وسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
هذه المواقع التاريخية شهدت تطورات حضارية مهمة، رسم الإسلام ملامحها، وخلدها التاريخ؛ فأصبحت تحظى بمكانة عظيمة في قلب كل مسلم؛ الأمر الذي جعل المملكة العربية السعودية معنية بالاهتمام بها، وإبراز مدلولاتها الحضارية، وإسهاماتها المتميزة في مسيرة التاريخ الإسلامي. وإدراكاً من المملكة العربية السعودية لأهمية هذه المواقع؛ فقد صدرت عدة أوامر وتوجيهات سامية كريمة تضمن: «التأكيد على أهمية المحافظة على مواقع التاريخ الإسلامي بما يجنبها الإزالة أو الاندثار بأي فعل من الأفعال، بشرية كانت أم طبيعة، وبما يضمن ألا تكون هذه المواقع أمكنة لغير ما تدل عليه من مدلولات تاريخية أو أثرية أو عمرانية وبعيدة عن ملامسة أي جانب من الجوانب المنافية للعقيدة الصحيحة».
كما يتم إعداد دراسات علمية موثقة وموسعة لمواقع التاريخ الإسلامي، ولا سيما المرتبطة بعصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعصر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. ومن أبرز مواقع التاريخ الإسلامي في المملكة المواقع التالية:
جبل النور
يقع شمال شرق المسجد الحرام، على مسافة 4 كم، وفي قمته غار حراء الذي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعبد فيه قبل البعثة. وفيه نزل عليه جبريل عليه السلام بأول القرآن بقوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (العلق: 1).
جبل ثور
جبل كبير يقع جنوب مكة المكرمة، وفي أعلاه غار ثور الذي مكث فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أثناء هجرتهما إلى المدينة؛ لكي لا تنال منهما قريش.
ورد ذكر هذا الغار والتجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق إليه في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا. وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 40).
الحديبية:
تقع على بعد 22كم غرب المسجد الحرام (وتعرف اليوم باسم الشميسي). وارتبط هذا المكان بالسيرة النبوية، إذ نزل فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم- قاصدين مكة المكرمة، لأداء العمرة في السنة السادسة من الهجرة، ومنعتهم قريش من دخول مكة، وانبثق عن ذلك صلح الحديبية الذي أبرم بين رسول الله وقريش. كما شهد هذا المكان بيعة الرضوان.
عسفان
بلدة تاريخية تقع على طريق الحج بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، على بعد 75 كم شمال مكة المكرمة. تذكر كتب السيرة النبوية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا بني لحيان بناحية عسفان في شهر ربيع الأول سنة ست من هجرته -صلى الله عليه وسلم- ومر بها في غزوة فتح مكة. وفي عسفان آبار قديمة وآثار أخرى منها قلعتها التاريخية وسوقها القديم.
حنينْ
واد من أودية مكة المكرمة الشمالية الشرقية، يسيل من السراة من جهات طاد وتنضبة، ثم ينحدر غرباً، فيمر بين جبل كِنشيل عن يمينه، وجبلي لَبَن عن يساره. ويعرف اليوم بوادي الشرائع، ويشقه الطريق المؤدي من مكة إلى السيل. ويبعد وادي حنين 36 كيلاً من المسجد الحرام.
الجعرانة
تقع على بعد 25 كم شمال شرق الحرم المكي الشريف، وهي حد الحرم من الجهة الشمالية الشرقية. ذُكرت في أحداث غزوتي حنين والطائف، حيث إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أودع بها غنائم غزوة حنين ثم سار إلى غزوة الطائف، وحين عاد منها قسم الغنائم في الجعرانة ثم أحرم منها، وله فيها مسجد يُعرف بمسجد الجعرانة.
أوطاس
أوطاس واد يقع شمال شرق مكة على مسافة 190 كيلاً. ورد ذكره في أحداث غزوة حنين التي وقعت في السنة الثامنة من الهجرة بعد فتح مكة؛ اذ اجتمعت فيه هوازن وثقيف ومن انضم معهم من العرب حين أجمعوا على حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة، وذُكر أن أوطاس وقعت فيه المعركة بين المسلمين وفلول المشركين، الذين انحازوا إليه بعد هزيمتهم في حنين.
كما ورد ذكر أوطاس باسم أم خرمان عند الجغرافيين في وصف مراحل طريق الحج العراقي، حيث ذكروا أنه محطة في وادي العقيق (عقيق عشيرة) قبل ذات عرق، وعنده يلتقي طريق الحج الكوفي مع طريق الحج البصري. وفيه بركة وقصور وحوانيت ومسجد، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرضع في تلك الناحية.
ذات عرق
تقع ذات عرق إلى الشمال الشرقي من مكة المكرمة على مسافة 90 كيلاً على طريق الحج العراقي. وسميت ذات عرق نسبة إلى جبل يعلوه عرق أسود، وتعرف الآن باسم الضريبة. وذات عرق هي ميقات أهل العراق، ذكرت في السيرة النبوية في خبر سرية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القردة بقيادة زيد بن حارثة، في السنة الثالثة من الهجرة. وورد ذكر ذات عرق في كثير من المصادر المبكرة، كميقات ومنزل مهم ومعلم لما حولها من المراحل والقرى فتعرف بها وتحدد المسافات من عندها. ووصفت المصادر منشآتها العمرانية والمائية، ومنذ تمهيد طريق السيارات المار بالسيل الكبير لم يعد يحرم الناس منها. والموقع القديم ما زالت آثاره باقية وتمتد لمسافة تزيد على الكيلين، وتشاهد المعالم الأثرية على حافتي وادي الضريبة، وهي تدل بشكل واضح على آثار لمدينة سكنية كبيرة.
خرزات ومعالم عين زبيدة (عين حنين)
عين زبيدة مشروع حضاري خيري قامت بإنشائه زبيدة زوجة هارون الرشيد لسقيا سكان مكة والحجاج في المشاعر المقدسة؛ حيث أجرت قناة من أسفل جبل طاد عبر وادي حنين شمال شرق مكة. وزودت قناة عين حنين بعدة روافد كما أجريت عين من أسفل جبل كرا بأعلى وادي النعمان تصل مياهها إلى أسفل العزيزية مما يلي مكة. وفي المدينة المنورة هناك عدد من مواقع التاريخ الإسلامي من أهمها:
موقع غزوة بدر الكبرى
تقع مدينة بدر غرب المدينة المنورة على مسافة 150كم، وهي من أهم المواقع التاريخية الإسلامية، حيث دارت بساحتها غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة. ومن المعالم المرتبطة بالمعركة: مسجد العريش، وميدان المعركة، ومقبرة شهداء بدر، والعدوة الدنيا والعدوة القصوى. كما يوجد بها عدد من الآثار التاريخية، وقد ذكرت بعض معالم بدر المرتبطة بالمعركة في القرآن الكريم في سياق ذكر غزوة بدر.
موقع غزوة أحد
سميت غزوة أحد بهذا الاسم نسبة إلى جبل أحد الذي وقعت بقربه المعركة بين المسلمين بقيادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكفار قريش، في السنة الثالثة من الهجرة. وأُحد جبل شمال المدينة، على بعد ستة كيلو مترات من المسجد النبوي. وقرب سفحه من الجهة الجنوبية الغربية يقع جبل الرماة، وسمي جبل الرماة لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضع الرماة عليه قبل الغزوة وأوصاهم بأن يحموا ظهور المسلمين ويمنعوا تسلل المشركين من خلفه، وعند جبل الرماة مقبرة شهداء غزوة أحد، وهي تضم سبعين شهيداً من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنهم حمزة بن عبدالمطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة.
مشربة أم إبراهيم
مشربة أم إبراهيم عبارة عن بستان (حائط) كانت تسكنه مارية القبطية جارية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وولدت فيه ابنه إبراهيم. وقد صلى النبي في مشربة أم إبراهيم في بعض زياراته لجاريته، وبُني في مكان صلاته مسجد، وذلك في أيام ولاية عمر بن عبدالعزيز على المدينة المنورة. ويقع مسجد المشربة شمالي مسجد بني قريظة بالقرب من الحرة الشرقية.
بئر رومة
تقع بئر رومة في الشمال الغربي من المدينة المنورة، قرب مجرى وادي العقيق، وهي بئر قديمة تنسب إلى رجل من قبيلة غفار اسمه رومة، وقد احتاج إليها المسلمون في العهد النبوي؛ فحض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على شرائها، ورُوي عنه قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من يشتري رومة فيجعلها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم، وله بها مشرب في الجنة»، فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه وجعلها وقفاً في سبيل الله.
بئر غرس
تقع هذه البئر في قباء شرقي المسجد. وهي إحدى الآبار التي كان يُستسقى منها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وفي بعض الروايات أوصى أن يغسل منها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
قصر عروة
يقع على ضفاف وادي العقيق، وهو من القصور الأموية وينسب إلى عروة بن الزبير، وهذا القصر مربع الشكل، يبلغ طول ضلعه 30م ويتكون من عدد من الغرف والمرافق.
قصر سعيد بن العاص
يقع قصر سعيد بن العاص في العرصة الصغرى من وادي العقيق. بناه سعيد بن العاص وهو من أمراء المدينة المنورة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقد تم بناؤه بالجص والحجارة متوسطة الحجم غير المنحوتة. وتوجد في بعض أروقته ونوافذه نقوش على الجص وزخرفة بالطوب المجصص، والقصر مطلي بالجص من داخله وخارجه، ولمتانة بنائه لا تزال أطلاله باقية إلى اليوم.