د.معراج أحمد معراج الندوي
إن المواطنة العالمية هي من العناصر المشتركة لهوية الإنسان العالمية وحقوقه وواجباته في مجتمعات الهجرة واللجوء على وجه الخصوص. ونتيجة لمجموعة من التغيرات التي ساهمت في زيادة تواصل الأفراد والمجتمعات من جهة وتنوعهم الثقافي من جهة أخرى، وازدياد المشكلات المتعلقة بمجتمعات التعدد، خصوصاً لدى مجتمعات الهجرة واللجوء. ظهرت المطالبات بتطبيق قيم وسلوكيات المواطنة العالمية التي تركز على قيم وسلوكيات انتماء الفرد للمشتركات الإنسانية وتعزز من اتجاهات التعاون والتعاطف والاحترام المتبادل، والمعرفة العالمية.
المواطنة العالمية هي مجموعة من القيم الإنسانية مثل الانتماء والمشاركة الفاعلة والديمقراطية والتسامع والتعايش السلمي والعدالة الاجتماعية التي تؤثر على شخصية الفرد وتجعله أكثر إيجابية في إدراك ما له من حقوق وما عليه من واجبات نحو كل من الوطن الذي يعيش فيه والعالم بأسره.
لقد ارتبط مفهوم المواطنة ارتباطاً وثيقاً بالوطنية إلا أن عصر العولمة فرض نوعاً جديداً من المواطنة وهي المواطنة العالمية التي تتجاوز حدود جنسه وبلده إلى فضاء أعم وأرحب. تنظر المواطنة العالمية إلى كوكب الأرض باعتباره وطناً للجميع، يجب المحافطة عليه وصيانة موارده، ثم تنظر المواطنة العالمية إلى الناس أجمعين باعتبارهم من أسرة واحدة تحترم بعضها البعض وتتعايش بسلام في إطار من التسامح والتفاهم.
مع قدوم عصر العولمة ونتيجة تقارب الأفراد والجماعات بالتواصل المباشر. كان لابد من بيان الطرق القيمية والسلوكية التي تحدد طبيعة علاقات المجتمعات المختلفة على المستويين الداخلي والخارجي، في التأثير والتأثر الاجتماعي والثقافي، ومن هنا أصبح المحيط الثقافي الذي يعيشه الفرد لا يتحدد بمحيطه الجغرافي فقط، وأصبح العالم يتجه إلى تفعيل المواطنة العالمية على حساب المواطنة التقليدية.
تعبر المواطنة العالمية عن ثقافة الانفتاح الفكري والانتماء إلى المجتمع الدولي والإنساني وتحمل المسؤولية تجاه المصلحة العامّة في مختلف أنحاء العالم، والالتزام بالعدالة الاجتماعيّة والكرامة الإنسانيّة. يهدف الإطار العام للمواطنة العالمية إلى إنشاء جيل جديد، متمكن علمياً وفكرياً ويساهم بفعّاليّة في قضايا العالم ومواجهة تحدّياته، من أجل ضمان مساحة كافية من الحرية والاندماج والأمن والسلام لجميع الأفراد.
ولا يقتصر مفهومُ المواطَنة العالمية على القضايا السياسية والأمنية، بل يتعدّاها إلى الوعي الصحّي والاجتماعي برعاية حقوق الناس والبيئة والاقتصادات المحلية والعالمية والمكافحة على الفساد الإعلامي والطبي والقضائي والتعليمي. تنادي المواطنة العالمية من القيم الإنسانية والمثل العليا كالسلام وحقوق الإنسان والبيئة والتعددية الثقافية والاعتماد المتبادل.
إن المواطنة العالمية كثقافة ونمط حياة تُعتبر منطلقًا لممارسة الحق الإنساني بكل أشكاله ومواقعه، وهي ثورة على الظلم والفساد والعنصريّة في كل مكان، والموضوعات الأساسية للمواطنة العالمية هي السلام العالمي والتعاون العالمي والمسؤولية الأخلاقية وقضايا حقوق الإنسان والتعددية الثقافية وكذلك الحفاظ على البيئة وعالمية الفكر وإثراء المعرفة. فإن توسيع المواطنة العالمية ما يلزمه العصر لازم لضمان التفاعل الحقيقي بين البشر.
** **
- الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية،كولكاتا - الهند