العقيد م. محمد بن فراج الشهري
لم نتعود من الجامعة العربية طوال عشرات السنين موقفاً عربياً إلزامياً موحداً ضد التدخلات الخارجية في مشاكل الدول العربية، مع أنه يفترض أن يكون لزاماً على الجامعة أن تتبنى موقفاً واضحاً وصريحاً ضد أي تدخل، ومن ثم متابعة ما تراه على كافة الصُعد الدولية حتى تأخذ ما تريد أو على الأقل يكون لها رأي ذو أهمية في القضايا المصيرية للأمة العربية بدءاً من أم القضايا: القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي.. وصولاً إلى الأزمات التي تمخضت عن فوضى الربيع العربي، والغوص في تاريخ الجامعة العربية وظروف نشأتها أو ما مرت به من أحداث مرتبطة بالتطورات السياسية يكشف عن أسباب (الفشل) في كثير من القضايا المهمة على أننا لا ننسى أن الجامعة لعبت أدواراً مهمة في الكثير من القضايا، وفشلها كان محكوماً بالدول التي تخضع لهيمنة وتدخلات دول من خارج المنظومة العربية.
كثير من قرارات الجامعة كان يواجه بتخريب داخل مؤسسات الجامعة مدعوماً من قطر باستخدامها أذرعها الإعلامية (الجزيرة) وباتت (الجزيرة) انعكاساً للسياسة القطرية القذرة التي تعتبر (الجزيرة) جيشها، وأسطولها، وسلاحها النووي، لأنها تعتمد على الحروب الكلامية، والإشاعات، وتعبئة جيوب المنافقين وكلاب الإعلام القذر بملايين الدولارات للنباح في كل مكان، والآن وبوضوح تام تعتبر قطر هي رأس الحربة العربية لتركيا وهي من تحالفت معها عبر ما يسمى بالربيع العربي وتداعياته، وكلاهما ينفذ سياسة تسعى لإحداث تغييرات فوضى في المنطقة حتى لو من خلال تدمير المجتمعات العربية، وأصبح جلياً أن العداء القطري للجامعة العربية يتسق مع التوجه التركي الإيراني الذي تتحالف معه وتحاول ترسيخ نظام إقليمي بهم لا يستند إلى الجامعة العربية ككيان معبر عن مصالح الدول العربية، وخلق كيانات جديدة تتحكم فيها إيران وتركيا، فلماذا يترك أردوغان يصول ويجول براً، وبحراً وجواً في ليبيا دون حسيب أو رقيب، أليست الجامعة العربية هي المعنية بهذا الأمر؟.. هل تنتظر الجامعة العربية حتى يتم احتلال ليبيا، وتقسيمها وهي في موقف المتفرج، ألم تر، وتسمع، وتشاهد وزير الدفاع التركي ورئيس الأركان والوفود التركية تتجول في كافة المواقع العسكرية الليبية السرية والذي يثبت أنه لا وجود للمجلس الرئاسي، ولا وجود للأركان التابعة له مما يعني بداية احتلال تركي وتموضع في قلب البلد.. أليس في قاموس الجامعة ما يدعو إلى تشكيل مجلس دفاع للجامعة مهمته الدفاع عن أي دولة عربية تتعرض لغزو أو تدخل خارجي، أليس في قاموس الجامعة العربية محكمة عدل تحاسب من يخالف من الأعضاء أو الرؤساء الذين يبيعون أوطانهم للطامعين، أليس في قاموس الجامعة بنداً يتابع تحركات إيران.. وتركيا في المنطقة في ظل تغاضي أمريكا والحلفاء عما تتخذه تركيا، وإيران في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، واليوم في ليبيا، أليس من وسيلة لإيجاد حل لقرارات الجامعة بالإجماع، أو بالأغلبية لكي لا تعرقل مسيرة الجامعة. الخطر يدق نواقيسه في كل مكان من الأرض العربية وما يحدث في ليبيا أكبر دليل، ويجب الوقوف ضد هذا المد التركي، والإيراني ووضع حد لهذا العبث، والدول العربية قادرة على ذلك متى ما كان هنالك إرادة عربية شاملة، ورادعة لمن يخرج عن مواثيق الجامعة أو يساعد على زعزعة قراراتها.. والسكوت على الخطر التركي، والإيراني عجز وضح للأمة العربية، ويجب معالجة الوضع بليبيا قبل فوات الأوان، وتفعيل دور الجامعة بالشكل الذي يحفظ للدول العربية كرامتها أمام الامتهان التركي والإيراني، فهل من مجيب؟!!!