الهادي التليلي
هل كان يدور بخلد الفريد نوبل مخترع الديناميت المادة التي وجهت لغير ما أريد لها أن جائزة نوبل التي أوصى بها بوثيقة في سنة 1895 اعتذاراً منه للبشرية ستسير على غير ما سطر لها؟ هذا ما أفرزته نتائج الجائزة لسنة 2018 والتي أفرزت فضيحة أدت إلى تأجيلها بسبب تضارب المصالح.
جائزة نوبل التي يفصلنا عن الإعلان عن نتائجها هذا العام أشهر معدودة حيث يعلن عنها في الأيام العشر الأولى من شهر أكتوبر في حين تسلم الجوائز في شهر ديسمبر تشهد تدافعاً وحرب مصالح لا مثيل لها لم تستطع كورونا فرض تباعد اجتماعي عليها حيث قدم لها 317 مترشحاً منها 210 من الأفراد و107 من المنظمات على ست جوائز هي الأدب والطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والسلام، وذلك على مكتب لجنة التنظيم السويدية النرويجية ولعل السؤال الذي يتبادر للذهن في هذا السياق من يقوم بترشيح الشخصيات والمنظمات الأدبية والعلمية والسياسية لنيل هذه الجائزة والجواب أنه في المجالات العلمية أي الطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد يقوم كل من اللجنة المنظمة والأساتذة المعتمدين من الجامعات الإسكندنافية المعروفة وبعض الشخصيات العلمية المشهود لها وشخصيات سبق لها أن فازت سابقاً بالجائزة.
وبالنسبة لنوبل للسلام وهذا حسب اللائحة التنفيذية للجائزة يمكن لأي عضو من أعضاء الحكومات أو المحاكم الدولية وأساتذة جامعيين في مجالات العلوم الاجتماعية والتاريخ والفلسفة والحقوق والعلوم الدينية ورؤساء معاهد البحث المختصة في السلام وغيرها تحدد المرشحين وغلق قائمتهم دون مراعاة للمستجدات الإيبستيمية وما نتج وإنجر جراء جائحة كورونا، هذه الجائحة التي أفرزت بدورها مرشحين ومسحت من الذاكرة التي لم تنشأ بعد أسماء قد تفوز بالجائزة ولكنها لن تحظى بجدارتها نوبل التي كانت جدارتها مشبوهة في كثير من الأحيان والدليل أنه من 851 فائزاً بالجائزة نجد 4 بلدان فقط استأثرت لوحدها بـ647 فائزاً وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والسويد وألمانيا إضافة إلى لائحتها المتواربة على مجالات تدخل من القوى العظمى مما يجعل النتائج أحياناً تكون على المقاس.
ولو نظرنا إلى عالمنا العربي فنجد الحصاد ضعيفاً جداً حيث في مجال نوبل للسلام حصل محمد أنور السادات على الجائزة بعد توقيعه كامب ديفد وياسر عرفات بعد توقيعه معاهدة أوسلو ومحمد البرادعي والناشطة اليمنية توكل كرمان والرباعي التونسي الراعي للحوار، وبنفس الندرة كان حصاد باقي المجالات حيث اقتصرت قوائم الفائزين العرب على أحمد زويل في الكيمياء ونجيب محفوظ في الأدب.
وهنا حري بنا القول إنه إذا كان العلم لا إنساني بمعنى أنه يتعالى عن الحسابات البشرية الضيقة والأهواء والنزوات ولأن الجائزة العالمية الأكبر تحتاج إلى موضوعية أكبر تجعلها لا تقع في فضيحة 2018 وهذا ما ظهر من الخور والله أعلم بما بطن منه فإن العالم يحتاج إلى جائزة أكثر موضوعية بحيث لا تكون حصراً على مؤسسة من بلدين متجاورين، ولجان التحكيم لابد أن تكون أكثر شفافية سواء في آلية اختيارها أو في معايير تقييمها فمن غير المعقول عضو ما في حكومة ما هكذا يقوم بترشيح شخص ما للجائزة.
وهنا جدير بنا طرح مبادرة جائزة عالمية موازية بشروط ولوائح ذات مصداقية عالية لأن الآخر يخلق التنافس وجودة المقاييس وهذه المبادرة في الحقيقة سؤال نطرحه على أنفسنا قبل العالم فجائزة نوبل مجروحة جدارتها وتاريخها يكشفها في كل لحظة إعلان عن نتائجها جائحة كورونا التي أسقطت الأقنعة وعرت الوجوه وكشفت للعالم الفاعل من المفعول من المتفاعل من الراكب على الفعل من وقف في وجه فشل العالم وحقق التوازن الذي غابت عن إنجازه الأمم المتحدة ومن حرك مجموعة العشرين وأنقذ أوساق النفذ ومن قدم الجهوذ تلو الجهوذ لإنقاذ البلدان النامية، أليست المملكة العربية السعودية من سعى لتحقيق السلام شرقاً وغرباً دون بحث عن مقابل سياسي أو موقعي في مشهد العالم.
إنها أيها السادة الكرام المملكة العربية السعودية شمس لا تراها نوبل.