رمضان جريدي العنزي
الفساد عكس النزاهة والإصلاح، وهو أس الخراب، وعمل باطل وصفيق، كونه أخذاً للأشياء والاستيلاء عليها دون وجه حق، وذلك باستغلال المنصب والسلطة لتحقيق مكاسب نفعية خاصة، كقبول الرشاوي والهدايا وتمرير المعاملات، والعمل بالغش والخداع والتلاعب في القرارات والاحتيال وغير ذلك، كل ذلك مبني على أطماع شخصية، ونتيجة لانخفاض الحس الوطني، وتدني الوعي، وافتقار الأخلاق والسلوك. إن الفساد يقوِّض الازدهار والتنمية، ويزيد من معدلات البطالة، ويجهض ممكنات الحياة والتقدّم والاستقرار، ويهدر حقوق البلاد والعباد، نتيجة أعمال ماكرة ومراوغات وحيل، يريد أصحاب الفساد أن يكوّنوا ثروات طائلة، وأن يزيدوا من أرصدتهم نهباً ورشوةً وسمسرة. إن الفساد صنو العثرات والنكبات، وضياع اقتصاد وهدر موارد، وفشل بنيوي، وتأخر تنمية. إن الفاسدين ماكرون، يعيشون ويعملون بوجوه متعدِّدة، يجيدون لبس الأقنعة، ويحترفون الاختباء، ويمتهنون التسلّل من وراء ظهر القانون والنظام، بعيداً عن المبادئ والوطنية والأخلاق، ومن خلال طرق ملتوية لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية، رشوةً وابتزازاً ومحسوبية واختلاساً. إن الوهن الأخلاقي وضعف الوازع الديني هما أصلان وجوهران وسببان رئيسيان للفساد، ومظهران من مظاهر خراب الضمائر وجشع النفوس، لقد ورد الفساد في القرآن الكريم حوالي خمسين مرة بهيئات الفعل وتصريفاته، والمصدر واسم الفاعل، كما وردت مفاهيم أخرى للفساد في العديد من الآيات كالغش والتبذير والإسراف والربا والاكتناز. إن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، أوجدت لتحقيق الشفافية والمحاسبة والمساءلة والمحافظة على حقوق الوطن والإنسان وفق القانون والإجراءات النظامية، لقد أطاحت كثيراً بالفاسدين وجعلتهم يرتعبون وتشحب وجوههم ويقلقون، وجعلت غيرهم يخاف يحذر ويتعظ، وإن أحداً من الفاسدين لن ينجو بفعلته، وستضرب الهيئة بقوة وعنف كل من تسوّل له نفسه العمل بالفساد، أو حتى التفكير به، أو الدوران حوله، يحق لنا أن نتفاءل ونصفق ونشيد بأعضاء الهيئة لمحاربتهم الفساد في كل زمان ومكان، هم ليسوا هيئة انتقامية كما يصوّرهم الإعلام المعادي المضاد، بل هم في الحقيقة قوة ضاربة لعمل مجيد، مهمتهم فك شفرة الغش والزيف والرشوة والتدليس المفضي للفساد المقيت، وإرجاع الحقوق المنهوبة لأهلها ومستحقيها والوطن، وتقديم الفاسدين للمحاكم العادلة، يجب أن ندعم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في كل المحافل والنصات ووسائل الإعلام، ونزيل من أمامهم العوائق، ونقف معهم في خندق واحد، حتى يستطيعوا إنجاز مهامهم الوطنية النبيلة على أكمل وجه. إن مساحات الفساد والنهب المنظّم كبيرة وعتيقة وبعضها متجذّر، وتحتاج لعمل مضن مستمر ودؤوب لاجتثاث هذا السرطان المخيف من جذوره. إن للهيئة خبراءها وخططها ورؤيتها في كيفية إدارة ملف الفساد وضبطه على النحو الذي يشعر الجميع بالرضا والتقدّم والتطور والتحول في ظل قوانين أسها العدالة. إن الهيئة تعمل للإنقاذ الحقيقي من هذا المستنقع الآسن، الذي أزكم الأنوف من رائحته وركوده، لتأخذنا نحو آفاق المستقبل المشرق الواعد.