رمضان جريدي العنزي
المتباهون بجهلهم بقايا تتار فكري يقتاتون على قشور التخلف، يمشون بعرج ويتكئون على وسائد قش، وضمائرهم ميتة، بوصلة العقل عندهم صدئة ومؤشراتها خاطئة، ولا تعطي إحداثيات صحيحة ودقيقة، المتباهون بجهلهم أول الخاسرين، لأنهم مجرد رؤوس فارغة لا تملك سوى تلفيقات كاذبة، وأحاديث فارغة، وقبح فائض، وتنمر زائف، يحاولون تزييف الوعي والمعرفة والذائقة وفق رثاثة بائنة وعجز ظاهر، عندهم لغو وغث وتدني، جحافل جهل تحاول صنع انتصارات باهتة، وبطولات واهنة، وهنا تكمن المعضلة لانتشار المرض الفكري، والطرحي الخطير، المتباهون بجهلهم، لا يعرفون تبادل الثقافات والأفكار والآراء وتفاعلها التلاقحي، حولوا جهودهم إلى آلة لتحطيم العقل، وإفساد الذائقة، وبث الخرافات، وأحياء الدفين، وسحب العجلة المعرفية المنطلقة إلى الإمام لتتقهقر وتتراجع عن طريقها إلى الوراء، هؤلاء مجرد جدران، وحيطان إلكترونية أسها واهن رديء وهش، الفيسبوك وتوتير والسناب شات إهداء لهؤلاء سبورات وطباشير وألوان لم يكن يحلمون بها، صاروا مثقفين وأوصياء وأدعياء ثقافة وعلم ومعرفة وأنساب وأصول، وهم الحالمون النائمون الكسالى، يتناوبون في نشر سرديات كاذبة، ورويات ملفقة، وأناشيد مغبرة، وقصائد ليست عصماء، يحاولون أن يناطحوا فيها أسماء لامعة، ما عندهم سوى أكاذيب باهتة، ومشاعرهم وعواطفهم غائبة، والصدق عندهم معدوم، وبدل أن يكونوا جزءاً من المنظومة العصرية الناشرة للمعارف الحقيقة والثقافة الصحيحة والعلوم والفكر الإنساني النبيل والتخلص من الحواجز النفسية، تحولوا إلى مصدات وحواجز مانعة للتقدم والتطور ومجاراة الآخرين في العلم والإبداع والابتكار، هم يريدون فقط ارتفاعاً شاهقاً للذات الموهومة المتغطرسة الغارقة بالغرور والتباهي المتبجح بالقدرة الزائفة، والفخر بشهرة متصاعدة تأتي سريعاً كفاقعة صابون وذلك باستخدام تنظيرات بهرجية، وتهريجات سوداء ناقصة البلاغة والمعنى، هؤلاء يزهون بمنشوراتهم التسقيطية، ولغتهم المتدنية وفكرهم المبتذل، وكأنهم بذلك يحققون نصراً فكرياً عظيماً في ترويج تفاهة فكرية ولغوية تافهة، يشاركهم مئات المعجبين والمعلقين والمتفاعلين مع كل لغو وبهت وسخف، أن هؤلاء لديهم قدرة عجيبة في التلفيق والتدمير والتمر وتزييف الواقع الثقافي للمجتمع، وكأنهم بذلك يبيعون بضاعة تالفة في سوق الخردة جمعوها من حاويات النفايات العتيقة، أنهم يحاولون أن يكونوا سادة في الطرح ولتلقين والإنشاد، يتبارون في إغراق المجتمع بتلفيقات وأحاديث وآراء زائفة، أنهم يحاولون نشر القبح البائن في داخل أرواحهم المتصاغرة الضعيفة، بمواجهة ثقافة عالية متزنة وأصيلة، أن هؤلاء يتبارون فيما بينهم في سباق مشبوه من أجل إعلاء صورهم وتخلفهم وذلك باستخدام وتزييف الواقع الحقيقي، وتضخيم الروايات والحوادث من أجل إشباع غرائزهم الواهنة، أنهم يشوهون الفكر، ويسخفون العقل والحقيقة، ويطرحون ذلك للسذج والبسطاء والجهلة الذين يتعاطفون فوراً دون تفعيل للعقل، يوماً ما سينتهي هؤلاء الجهلة المستمتعون بشهرة افتراضية، وسيتساقطون كأوراق الشجر في فصل الخريف، وسيعودون لحقيقتهم وعزلتهم الاجتماعية بعيداً عن صفاء الواقع وحقيقته وتجليه.