م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- منذ نكسة عام (1967م) والعرب يعيشون القلق.. واليوم وبعد انقضاء أكثر من خمسين سنة ما زلنا نعيش ذات القلق.. إنما اليوم هو قلق مصحوب بالخوف من القادم.. فلم نعد نأمل بالأفضل، بل نحن خائفون من الأسوأ.. لأننا منذ ذلك التاريخ نعيش في انحدار.. لم نعد نثق بالساسة العرب فهم في رأينا عملاء أو فاسدون.. ولم نعد نثق بمثقفينا فهم حتماً إما حزبيون أو مرتزقة!
2- منذ نصف قرن والعربي يعيش تحت سياط الجلد لعقله وتصرفاته وتاريخه وواقعه.. وبعد أن كان العرب يتحدثون عن تجديد الفكر العربي أصبحت أهم الكتب تتحدث عن نقد العقل العربي.. وعوضاً عن أن نفخر بحالنا أصبحنا نجلد ذواتنا حتى بادت أرواحنا واستمرأنا الجَلْد.. لا أحد يترفق بنا أو يرحمنا.. لا أحد يقول لنا لماذا أو كيف ومتى؟ الكل يقول لنا: اذهبوا أنتم وربكم وقاتلوا! لقد تحولنا من القلق إلى الخوف.. ثم تحولنا من الخوف إلى الارتياب.. واليوم لا ندري إلى أين نحن متحولون.
3- بدأنا بالتجديد ثم تحولنا إلى النقد وهذه شجاعة لكن أن نتحول من النقد إلى الارتياب فهذا ذعر.. نعم التجديد رغبة والنقد شجاعة ولا يتم التجديد دون نقد.. فالنقد شرط لكل تجديد.. لكن الخوف هو من تحول التجديد إلى ترقيع أو تمويه أو مسايرة.. أو أن نكون في نقدنا لأنفسنا مجاملين تبريريين.. أو أن يعمينا الغضب فنهدم كل شيء!
4- في أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات الميلادية كانت حقبة الانقلابات العسكرية التي أوقفت التنمية وألغت الإصلاحات السياسية وهمشت دور المجتمع المدني.. ثم أتت هزيمة (1967م) التي قلبت الموازين ونقلت السيطرة من الحكومة العسكرية إلى التشدد الديني الذي محق ما تبقى من رفاه وكرامة المواطن العربي.. حتى بكت كثير من المجتمعات العربية على زمانها الماضي وتمنت فقط لو يعود!
5- تقهقر العرب إلى الخلف كان لا بد أن يولِّد صدامات مع العقل فأغلقوه، ومع النصوص فأوَّلوها، ومع التقاليد فقدسوها، ومع التقدم فلوثوه، ومع الآخر فكرهوه، ومع التاريخ فزيفوه.. وبذلك تمزّق نسيج المجتمع العربي وغلب عليه التسطيح.. فأصبح مصطلح حرية الإنسان ذا معنى كفري!
6- العربي اليوم أمام مفترق طرق.. إما أن تنهض بلاده أو أن يهاجر.. ولكن من ذا الذي سيقبل به لاجئاً وقد صُنِّف إرهابياً؟