عبد الله بن سالم الحميد
معاناة الفراق تواجهنا كل يوم برحيل قريب أو صديق أو عزيز ممن اشترك في هذه الحياة الدنيا ليسبقنا أجله إلى الدار الأخرى.
وذاكرة رحيل الأحبّة تستقطبُ أطيافاً سبقوهم وسبقونا إلى الدار الآخرة.
تنطبع في نفوسنا بصماتهم التي تتراءى لنا شاهدةً بما قدّموا وما تركوا من أثر في النفس والوجدان.
في العام الماضي عشنا بهجة الاحتفاء بالزميل الأستاذ فهد العبدالكريم وسعادة إخوته وأولاده ومحبيه بتماثله للشفاء، وتكريمه لدوره الريادي في خدمة الصحافة والإعلام محرّراً وإداريّاً ناجحاً في مجلة اليمامة وجريدة الرياض، ولكن المرض الخطير داهمه ليضطر إلى السفر للعلاج وقلوب أحبته معه، على قلق وأمل ، يداريه بصلته وتجاوبه معهم بالاطمئنان والأمل في العودة، ولكن المعاناة تنتهي بالرحيل الذي ترك في نفوس كلّ محبيه ألماً وحزناً مسكونين بالابتهال إلى الله له بالرحمة والعفو والغفران، وتنسرد الذاكرة بأطياف ذكرى الراحلين من أصدقاء مهنة الحرف والكتابة والإعلام في الصحيفة العزيزة «الرياض» التي ودَّعت قبل أكثر من ثلاث سنوات ربّانها، الأستاذ تركي بن عبدالله السديري -رحمه الله- الذي أمضى قرابة نصف قرن في خدمة الصحافة والإعلام بكل احترافية واقتدار ومعه نخبة من رفقة الحرف والكلمة المعبّرين، وخلفه الأستاذ راشد بن فهد الراشد الذي لم تطل مدته في رئاسة تحرير جريدة الرياض، حيث توفّي - رحمه الله، فخلفه الأستاذ فهد العبدالكريم الذي عُرف عنه تركيزه وعنايته بالإدارة والجهد الصحافي بكل إخلاص ليصل المسيرة ويواصل الإنجاز والنجاح في زوبعة التحديات الإعلامية الرهيبة التي اقتحمتْها وسائل الاتصال الاجتماعي لتعصف بتجلّياتها في السبق الصحافي ومباشرة الأحداث ومعاصرتها، والتسابق مع الزمن لنقل الخبر والمعلومة، واختصار الطريق للوصول إلى المتلقِّي بالصوت والنبض والصورة والعبارة. والأستاذ فهد العبدالكريم من النماذج التي يشهدله كلّ من تعامل معه بالسماحة والخلق النبيل والتواضع، والمرونة والحكمة المنسجمة مع شخصيته الهادئة اللطيفة، رحمه الله وغفر له وأحسن عزاء أهله وأولاده ومحبّيه من أسرة مجلة اليمامة التي أحبّها وقضى في خدمتها سنوات، وأسرة جريدة الرياض التي احتضنتْ أناملنا وأفكارنا وأنامل كلّ المعبّرين بها ولا زالت تنافس في تقديم النماذج المبدعة لتواصل المسيرة وتتجلّى بمكانتها وقيمتها بما يتلاءم مع تجلّيات العصر الحديث في وطننا العزيز.