يقول جابر الخزاعي:
ما أكثر الناس لا بلْ ما أقلهُموا
الله يعلم أني لم أقل فَندَا
إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثير ولكن لا أرى أحدا
توفى جار الصبا وصادق الوفاء أ.د. محمد عبدالله صالح بن صالح -رحمه الله- في 9-8-1441هـ، وكان شغوفاً بالتواصل وحريصاً على الاتصال بمحبيه، وسبحان الله قبل وفاته بحوالي ثلاثة أشهر اتصل علي بالجوال ولما كلمته رد بفرح وسرور قائلاً: الحمد لله على حياتك.
وأبو عبدالله -رحمه الله- كان يهوى القلم، لذا كان بين الناس علم، وأحسب أنه كان يحمل عقلاً حكيماً، وقلباً رحيماً، وخلقاً عظيماً، وكان يتميز بالفصاحة والصراحة والجرأة والشجاعة، وبوفائه، ما هي مواهبه ونفعه وماذا قدم؟.. وأي رجل كان؟
أولاً: سيرته ومسيرته:
ولد بمدينة الرس في 8-7-1368هـ، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود بالرياض عام 1394هـ، وأكمل الماجستير والدكتوراه في أمريكا، وتدرج في العمل، وفي عام 1417هـ أصبح عميداً لكلية العمارة والتخطيط، وتقاعد في 1-7-1428هـ، وشارك في عديد من البحوث والندوات، وعمل بعد تقاعده بعدد من مكاتب الاستشارات الهندسية.
ثانياً: حسن الجوار ووفاء الكبار:
تميز أبو عبدالله بإنزال الناس منازلهم، فكان يقدر القدوات، ويحب القامات، وأثناء إعدادي لكتاب عن والدي -رحمه الله- بعنوان: والدي قاضي ثريبان الشيخ منصور بن صالح الضلعان، أبدى سروره، وطلب كعادته عدة نسخ منه، وأثنى برسالته على الكتاب خيراً، وقال: «لقد تشرفت بقراءة السفر المبارك عن صديق والدي عبدالله، الذي كانت تجمعه به الأخوة في الله، فلقد قرأت الكتاب مبتهجاً بمحتوياته، ومتمتعاً بكلماته، فأقول بورك فيك أيها الابن البار وبجهودك القيمة التي ستصبح نبراساً لمن يرغب في تسجيل مسيرة حياة أمثال والدكم على ندرتها، ودمتم بخير.
محبكم أخوكم: محمد الله بن صالح» 11-4-1439هـ.
ثالثاً: مواقفه الرجولية مع معجم أسر الرس: قام معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي بجمع وإعداد وثائق وحقائق عن أسر مدينة الرس، وكانت المعلومات شحيحة، وكاد المولود أن يولد بدون قدمين.
وفي عام 1435هـ تم الاتصال والتواصل بين أ.د. محمد بن صالح، وبين معالي الشيخ محمد العبودي، وبهمّة الرجال، وبدون كلل ولا ملل، وكخلية النحل، واصل الفقيد جهوده وتعاونه مع المؤلف، وقرع الأبواب على الأسر المتواجدة بالرياض، وسافر إلى مدينة الرس، وبجواله وتجواله كان معجم أسر الرس جل اهتمامه وشغله الشاغل، وتعاون مع المؤلف بالجمع والإعداد والمراجعة.
وقام الغزال «المعجم» على قدميه يسابق الغزلان، وبعد توافر مادة المعجم التي كان خلفها توفيق الله تعالى ثم جهود واهتمام المؤلف الشيخ العبودي، وكذلك الفقيد -رحمه الله-. وقد رأى المعجم النور بـ17 مجلداً.
وبعد وأمام كل هذا البذل والوفاء والعطاء والسخاء، يجب ألا ننساه من الدعاء وللجميع مثله -بإذن الله-.
** **
- صالح بن منصور الصالح الضلعان