أ.د.عثمان بن صالح العامر
كثيرون يعتقدون أن التغيير المجتمعي يأتي من الخارج، وبقرار سلطوي قاطع، مع أن الله عز وجل أعاد الأمر للنفس، سواء أكان هذا التبدل الذاتي إيجابياً أو كان سلبياً. وهذا يعني أن المطلوب من الإنسان ألا يكون تغيره الحادث مجرد انعكاس لظرف طارئ ولا يتجاوز إطاره الشكلي بل تغير حقيقي يلامس القناعات الراسخة في الذات ويغازل المسلمات التي جاءت جراء إرث متراكم من العادات والأعراف والتقاليد وليس له سند لا من نص قرآني خالد، ولا من حديث نبوي شريف، بل هو عند سبر أغواره سلوك قد يخالف في كثير من تفاصيله (الوحيين) القرآن والسنة. ومثال على ذلك ما كثر الحديث حوله هذه الأيام من جعل مناسبات الزواج عائلية وفي البيوت أو الاستراحات، دون أن يكون هناك بطاقات دعوات، ولا أهازيج ورقصات وإنما يولم الزوج بعدد قليل من الذبائح وقوفاً عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولم ولو بشاة) وإعلان للزواج وإظهاراً له في مجتمع الزوجين الصغير. ويبقى المهر الذي يدفعه الزوج حقا للزوجة تتصرف فيه هي كيفما أرادت.
إن من المتوارث أن ولي الأمر هو من يستلم المهر من الزوج أو من ينيب لحظة عقد النكاح، وبه يستأجر قصر الأفراح ويدعو من شاء ويولم بما شاء وربما تكون الزوجة بنتاً كانت أو أختاً أو غيرهما غير راضية عن كل ذلك، وفي الغالب لا تعلم عن شيء من ذلك، ولو خيرت بين أن يكون زواجها في قصر أفراح أو قاعة فندقية بمبلغ وقدره أو يكون عائلياً مبسطاً سهلاً ميسراً كما هو حادث اليوم في كثير من الزيجات اضطراراً وباقي المهر يودع في حساب بنكي خاص بها لاختارت في الغالب هذا الأخير.
حال الناس هذه الأيام ابتهاجاً بما هو حادث من تبدل ثقافي في مناسباتنا الاجتماعية التي صارت جبراً محدودة العدد قليلة التكاليف، ولكن مع فرحي مثل غيري بما هو صائر إلا أنني أظن - وأتمنى أن أكون مخطئا في هذا الظن - أن هذا التغيير تغيير سطحي مؤقت يقف عند الشكليات ولا يلج إلى عمق النفس الإنسانية ليهز القناعات ويبدلها، تلك التي كنا نظنها من قبل مسلمات اجتماعية لا يمكن أن تمس أو يقترب منها خوفاً من كلام الناس الذي ذهب اليوم أدراج الرياح. دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.