عبدالعزيز السماري
هناك واقع يقول إن الشعبوية أصبحت التيار السائد في العالم، وإن وسائل الإعلام قد ساهمت بشكل كبير في نجاح الشعبوية والوجود الكلي للفردانية في السياسة والمجتمع، ومن ثم الإعتماد على العناصر الشعبوية في التغطية الإعلامية، وهو ما سيقتل الطرح النخبوي المتوازن، والتقليل من تأثيرها على المدى الطويل، وهو ما أدى إلى تبني وسائل إعلام الفكرة الشعوبية، وأدى ذلك إلى إثارة الرأي العام بشكل غير مسبوق..
كان ذلك تحديًا في الغرب بسبب ازدياد مصداقية الطرح الشعوبي في الإعلام، مما قلل من تأثير الإعلام النخبوي الذي يوازن بين الأمور من خلال ميزان وطني، وملتزم بالمحاذير، ولا يستخدم منهج الإثارة لغرض الإثارة لتأجيج المشاعر، وعلى الرغم من انتشار النزعة الشعبوية للتنافس، فإن ظاهرة الشعبوية تظل غير محددة ومفهومة ومفسرة إذا لا يوجد تعريف واضح ومقبول على نطاق واسع للشعبوية، ولأن التفسيرات الشعبوية تثير الجدل، وتزيد من الإشاعة، وتجعل الغرض من الإعلام غرض فردي خالص.
يستعرض التقارير الصادرة عن تأثر الإعلام بالمد الشعوبي في الإعلام أوجه التشابه والاختلاف في دعم القطاع العام لوسائل الإعلام عبر عينة من ستة دول غربية، وهي فنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - والتي تمثل مجموعة واسعة من أنظمة الإعلام المختلفة والأساليب المختلفة بالنسبة لسياسة الإعلام، فإنه يظهر أن الدعم العام لوسائل الإعلام في جميعهم ظل دون تغيير بشكل أساسي للعقود.
في الأساس يأخذ شكل تمويل رسوم الترخيص الذي يذهب بشكل كبير إلى بث الخدمة العامة، وهذا هو الحال في جميع الدول الأوروبية الخمس. في الولايات المتحدة، حيث تشكل الاعتمادات الفيدرالية والخاصة بالولاية للبث العام ثاني أهم شكل من أشكال الدعم العام لوسائل الإعلام، ثانياً تظهر أشكال الدعم غير المباشر لصناعة الإعلام المطبوع، في الولايات المتحدة، ويعد هذا الشكل من الدعم أكثر أهمية من تمويل البث العام، في جميع الحالات، حيث تقدم الحكومات دعمًا غير مباشر أكثر من الدعم المباشر لمؤسسات الإعلام في القطاع الخاص، وتقدم فنلندا وفرنسا وإيطاليا فقط إعانات مباشرة؛ في فنلندا وفرنسا يكون الدعم حصريًا تقريبًا للصحافة المطبوعة، وفي إيطاليا أيضًا للمذيعين المحليين. وفي جميع البلدان الثلاثة، تكون الإعانات غير المباشرة أكثر أهمية.
يأتي هذا الحراك من أجل عدم سقوط الإعلام في دهاليز وسائل التواصل وسيطرة العشوائية والفوضوية على العقول، والذي سيظل لها تأثيرها لكنها لا يمكن أن تصل إلى مستوى المنبر الإعلامي المسؤول، بل قد يكون أشبه بأوراق الصحف الصفراء التي تبحث عن الفضائح والإشاعات ثم نشرها على نطاق واسع، ويبدو أن الحال ليست ببعيده عنها في العالم العربي المشتعل بالأيدولوجيات والأفكار المتضاده، والتي أن سادت ستجعل من الخطاب المتشنج خطابًا عاماً، وقد يثير النعرات والفرقه، ولهذا لابد من وضع سقف واضح لحرية التعبير ودعم الصحافة والإعلام لئلا تذهب في مهب رياح الشعبوية الإعلامية..