«الجزيرة» - المحليات:
أوضح معلم الخط العربي بالحرم المكي الشريف الخطاط إبراهيم العرافي بأن فن الخط العربي لا يعتمد على الجهد الفردي لشخص واحد بل هو ثمرة جهود أجيال متتابعة حرصت على تطويره ليصل لهذه المرحلة من المتانة والقوة من الناحية البصرية كشكل، وأيضاً من ناحية الأسرار الداخلية للحرف، موضحاً بأن الحروف عندما تجتمع تكوّن كلمات لها جمال شكلي وآخر ضمني «لذلك يعتبر جمال الحرف الغاية التي يسعى لها الخطاط، وهذا يحصل من خلال التعلم المستمر والمتواصل».
جاء ذلك خلال مشاركة الخطاط العرافي في اللقاء الافتراضي الذي نظمته هيئة الأدب والنشر والترجمة بعنوان: «روحانية الخط العربي» مساء يوم (الخميس 9 يوليو) وأدارتها الباحثة ومدربة الخط العربي نسرين التركي. وتحدث العرافي في اللقاء عن بداية رحلته في الخط العربي التي بدأت عام 1407هـ في الحرم المكي الشريف على يد خطاط كسوة الكعبة المشرفة وشيخ خطاطي مكة الأستاذ مختار عالم الذي استمر لمدة أربع سنوات تحصل من خلالها على العديد من التدريبات والتوجيهات والنصائح، بفضل شغفه الكبير بتعلم هذا الفن القيم، حيث تعلم على يده خط النسخ ثم الثلث ثم دروس أخرى في خطوط الرقعة والديواني.
وأضاف العرافي: «بعد رحلة استمرت أربع سنوات مع معلمي الأستاذ مختار عالم، نصحني أن أنتقل لأتعلم الخط في جامعة أم القرى على يد رائد الخط العربي بمكة المكرمة والمحاضر بالجامعة محمد حسن أبوالخير -رحمه الله- الذي استمررت معه قرابة 4 سنوات نلت فيها الكثير من العلوم في أسرار الخط، إضافة لتعلمي كيفية التعامل مع الطلاب والمتدربين، حيث كان لا يبالغ في التشجيع وفي نفس الوقت يجود بكل ما يستطيع بالمعلومات، وهي الطريقة التي استخدمتها في التعامل مع طلابي المتدربين».
وقال العرافي الذي استمرت رحلة تدريبه في الحرم المكي الشريف من عام 1413هـ إلى عام 1427هـ: «الأستاذ الماهر يعرف بأن هناك طريقة مناسبة لكل طالب، فالفروقات والقدرات مختلفة بين الجميع، لذلك فهناك طرق مبسطة ووعاء مناسب لكل متدرب، والتي تستدعي في كل الأحوال أن يرفق المعلم بالطالب نظراً لصعوبة وقسوة الحرف عليهم، لذلك فقد كنت أنظر لطلابي وأجد فيهم بداياتي والشغف الذي بدأت به للتعلم، فحرصت أن أعلمهم القيمة الحقيقية الكامنة داخل هذا الفن، لتقويم بعض السلوكيات التي أكتشفها فيهم، من خلال قربي لهم كأخ أكثر من كوني معلماً، حيث إن هناك بعض الشباب تبرز لديه سلوكيات سلبية بحاجة للتقويم كطاعة الوالدين على سبيل المثال، لذلك أعطيهم عبارات فيها تقويم لبعض هذه السلوكيات، كالجنة تحت أقدام الأمهات، والتي كتبتها لأحد الطلاب ليحسن علاقته مع والدته، وطلبت منه إذا أراد أن يتقنها فمن الضروري أن يكون باراً بها ليكسب رضاها، خصوصاً وأن جانب التعليم في الحرم لا يقتصر على جمال الحرف بل تدخل فيها جوانب التربية أيضاً».
وتناول العرافي العلاقة بين الخطاط والقلم التي تساعد في الوصول إلى التكوين المثالي للحرف، ليختتم اللقاء بقصيدة للشاعر الخطاط محمد العرافي تصف حالتهم عند الكتابة فقال:
فنون الخط رائعة البيان مسطرة على لوح الزمان
يخلدها عباقرة تفانوا لحفظ تراث صلد الكيان
يذكر بأن اللقاء يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات الحوارية الافتراضية، التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة وتستضيف خلالها نخبة من المفكرين والمثقفين السعوديين والعرب، لتحاورهم في شؤون ثقافية متنوعة تبث مباشرة عبر القناة الرسمية لوزارة الثقافة في موقع يوتيوب.