د.م.علي بن محمد القحطاني
من إيجابيات كورونا إخلاء بعض مساكن العمال غير المناسبة وإسكانهم مؤقتًا في المدارس، والمفترض أن المسؤولين عن تلك المجمعات قد بدأوا فور إخلائها بأعمال إعادة تأهيل تلك المساكن بما يليق بآدميتهم فهم بشر ولهم علينا حقوق وأبسطها السكن المناسب بما يتلاءم مع المعايير البيئية والمعمارية وكود البناء السعودي وأتمنى أن تكون قد اكتملت أو على الأقل على وشك إنجازها.
فها هي الحياة عادت لطبيعتها ولكن بحذر، ومن هذه المحاذير وجوب الأخذ بتوجيهات وزارة الصحة ومن أهمها التمشي بقواعد التباعد الاجتماعي وبقية الاشتراطات ومنها الابتعاد عن الأماكن المزدحمة والمغلقة، فما هو مصير هؤلاء العمال إن لم تكن الأعمال قد أنجزت هل سيعودون لسابق عهدهم ولسكنهم القديم لأن بقاءهم في المدارس مستحيل لقرب بدء العام الدراسي. ومن المفترض البدء مبكراً في إخلاء وتطهير وترميم وتأهيل المدارس المستغلة كسكن للعمالة قبل بدء الدراسة بوقت كافٍ استعدادًا لاستقبال العام الدراسي الجديد.
الفيروس يتوعد إن عدتم عدنا، فهل سنعود للمربع الأول وتكون تلك المساكن بؤرًا لتفشي الوباء.
ولا يخفى على المختصين بأن مرحلة المعافاة أحد مراحل إدارة الكوارث وهي إعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل الكارثه والذي تطور ليصبح إعادة الأوضاع أفضل مما كانت عليه قبل الكارثة بتلافي وتصحيح أي أخطاء كانت موجودة في السابق مع إضافة عنصر مهم وهو الاستدامة بمفاهيمها العميقة التنموية والبيئية.
وآمل أن يدرك المقاولون وأصحاب تلك المشاريع والمشرفون عليها أن المبالغ التي تصرف ستنعكس إيجابًا على أرباحهم حيث ستؤثر على نفسيات العمالة والإنتاجية وترفع مستوى ولائهم وانتمائهم لشركاتهم أو مؤسساتهم بشكل ملموس مما سيؤدي لرفع جودة العمل وتحسن الأداء.
لتكن بدايتنا بهذا الجانب المهم بعمالة مقاولي مشاريع الدولة وعمال ومقاولي الشركات الكبرى ممنهجًا ومرتبطًا بجدول زمني محدد كما أنه آن الأوان لإصدار دليل إرشادي لمساكن العمالة مثل دليل الاشتراطات الصحية لسكن العمال لمكافحة مرض كوفيد- 19 والصادر في أبريل 2020 على أن تتم مراجعته من متخصصين في الجامعات السعودية والوزارات المعنية والهيئات التخصصية ذات العلاقة مثل هيئة المهندسين وأن تتلائم الاشتراطات مع حجم العمالة بتقسيمها لفئات حسب الأعداد وأن تنص الأنظمة على عدم ترسية العقود قبل فحص مساكن العمالة في المشاريع الحكومية ومشاريع الشركات الكبرى للتأكد من مطابقتها للشروط والمواصفات المنصوص عليها.
وسيتولد عن ذلك خلق فرص استثمارية جديدة لتطوير تلك المساكن إذا سُنت التشريعات المشجعة والمحفزة لذلك.
ونتمنى أن نلحظ دورًا أكبر للمصارف والبنوك من باب المسئولية المجتمعية المساهمة في دعم هذا المشروع الحيوي الملح لمردوده الاقتصادي والصحي والبيئي للوطن.