صيغة الشمري
من المساوئ التي ابتلينا بها بسبب وسائل التواصل الاجتماعي «السوشل ميديا» كثرة الناصحين ودعاة تطوير الذات الذين لا تاريخ لهم في الحياة ومنجز غير أنهم كانوا يصورون تفاصيل حياتهم الخاصة ويهذرون في الغث والسمين بشكل سطحي أدى ببعضهم إلى التورط مع القانون والإحالة إلى التحقيق والإيقاف للضرر الذي تسبب به بعضهم للمجتمع، لم أكن أتخيل أن تصل الفوضى في عالم السوشل ميديا إلى درجة أن بعضهم سمح لنفسه بأن ينصب نفسه «لايف كوتش» بل ويكتبها كتعريف وظيفي له عبر حسابه الخاص دون حسيب أو رقيب، «اللايف كوتش» مهنة قد تكون أهم حتى من مهنة الطبيب النفساني أو المستشار لأنها تتعلق بحياة الشخص ومصيره ليسمح لنفسه أحد ساذجي السوشال ميديا بأن يدعيها كذباً وبهتاناً وهي مهنة تحتاج لدراسة سنوات طويلة أو خبرات متراكمة لسنوات أطول، يجد أغلب مشاهير السوشال ميديا بأنفسهم الأهلية الكافية لتقديم النصح والإرشاد والوعظ عبر مقاطع تكشف جهلاً متأصلاً ضرره أكثر من نفعه، والأكثر غرابة بأنهم يتنافسون بطريقة أكثر جهلاً فمجرد أن ينتشر مقطع لأحدهم قام البقية بتقليده حد الملل، هذه الأيام يتنافسون على طرح محتوى يتحدث عن الإيجابية وأهميتها في حياة الإنسان ولأنهم في الغالب لا يملكون الثقافة الكافية ولا العالم الكافي تجدهم يتخبطون نتيجة فهمهم للإيجابية من منطلق ثقافتهم الضيقة، يحرضون المجتمع على نبذ الأصدقاء والأقارب بحجة السلبية وقد يكونون هم أنفسهم الأسوأ في العلاقة، لا يريدون من الناس أن تتراحم وتتواد وتتسامح للحفاظ على أواصر الصداقة أو القربى، ينصح أحدهم بأن تنبذ أبنك ويتبجح آخر بأنه تخلص من أقرب الناس إليه بحجة أنه وجده يعاني من السلبية، وينصح جاهل آخر بالاستغناء عن الجميع في تكريس أحمق للأنانية والنرجسية وحب الذات المرضي، لا يريدون منك أن تكون إنساناً يسمع الشكوى ويحتوي الحزين ويعطف على المنهك، قد يكون السلبي في نظر هؤلاء السذج هو الشخص الذي ينصحهم ويحاول حمايتهم من جهلهم، عندما أغلقت أغلب الجهات الحكومية الباب في وجوههم ولم تعد تهتم باستقطابهم انقلبوا تجاه المجتمع بطرح نصائح ومواعظ سلبية تتحدث عن الإيجابية!