د. محمد عبدالله الخازم
مع بداية تولي وزير العدل د.وليد الصمعاني منصبه وزيراً للعدل، بادرت بالكتابة بأن هذا المرفق يحتاج تدريباً مكثفاً حتى يتم الانطلاق نحو التحديث، ومثل غيري كنا نرى المهمة صعبة في ظل الفكر السائد بأن وزارة العدل ومحاكمها ذات طبيعة تقليدية قد تتسبب في مقاومة التغيير المنشود.
بادر معاليه بالاتصال شخصياً بي وطمأنني بأنهم عازمون على التطوير وأن مقترح التدريب والتطوير المهني يحتل أولوية لدى معاليه وهو يختلف عن التدريب الأكاديمي الموجود في الجامعات، ووعد بأن نرى الكثير في قادم الأيام.
انقضت الأيام واحتجت مؤخراً إلى إجراء معاملة ذات علاقة وكنت متردداً لسابق خبرة بهذا النوع من المعاملات، احتجت وقتها الاستئذان من عملي ثلاث مرات وفي كل مرة أقضي ساعات في المراجعة والانتظار، إلخ. وبينما أنا في قلقي حول السبيل إلى زيارة المحكمة أو توكيل من يفعل ذلك، قال لي الأصدقاء، وزارة العدل لديها خدمات رقمية متميزة، فما عليك سوى الدخول لموقعهم وستجد الدليل على ذلك. وفعلاً فوجئت بحجم الخدمات التي تم تحويلها إلى معاملات إلكترونية وقدمت معاملتي بشكل سلس دون عناء الذهاب للمحكمة والمواعيد والمطالبات. الواضح أن الأمر ليس مجرد استخدام تقنية، بل صاحبه تغيير فكري إداري في المنظومة بكاملها حيث تقبل كبار المشايخ والقضاة مفاهيم العصر التقنية والهادفة إلى التسهيل على الناس، فسهلوا إنهاء المعاملات الروتينية عبر النظام الإلكتروني. ومن تجربة مع قطاع حكومي آخر، فإنني كنت سعيداً بالرد السريع على طلبي خلال أيام، مقارنة بجهة أخرى حكومية انتظرت لمدة شهرين للرد على الطلب وبعد ذلك أسقطته من مبدأ أنه لا يوجد لديها طلبات تستغرق أكثر من ستين يومياً وهي الثيمة التي نرددها في وسائل الإعلام. لا أدري أي بت هذا الذي يهمل المعاملة ثم يسقطها بشكل (أوتوماتيك) عبر النظام الإلكتروني دون حتى إيضاح لمبرر إسقاطك للطلب. وزارة العدل تم الرد على طلبي خلال ثلاثة أيام وأتاح لي الرد الإدلاء برأيي إضافة إلى إكمال المطلوب.
بالطبع لست متخصصاً في المجال القضائي والقانوني لكن أتطرق إلى ما يخص وزارة العدل كجهة إدارية تنفيذية لخدمات تهم الناس، تسهم في الأنظمة لكنها ليست مسؤوليتها الأولى حيث القوانين الإدارية تصاغ بمساهمة الجهات ذات العلاقة والقوانين القضائية أو الشرعية تتولاها جهات مثل مجلس القضاء الأعلى بالمشاورة مع الجهات ذات العلاقة. ويبدو أن ترؤس معالي وزير العدل تكليفاً لمجلس القضاء الأعلى أسهم في تسهيل مهمة التطوير بشكل سريع، لما عرف عن معاليه من حنكة في تفهم أدوار الجهة التنفيذية وزارة العدل والجهة القضائية مجلس القضاء. رغم ذلك فإنه قد يكون مناسباً فصل المنصبين عن بعض؛ رئاسة القضاء ووزارة العدل، لتعزيز فكرة الفصل بين الجانب القضائي والجانب التنفيذي.
أكرر تقديري لخدمات وزارة العدل الرقمية وتقديري لمعالي وزير العدل د.وليد الصمعاني الذي وعد بالتطوير وأوفى بأكثر مما كنت أتوقعه في جانب تحول كثير من معاملات المحاكم الروتينية إلى معاملات رقمية ميسر أداؤها عبر أنظمة وأداء متقن يستحق التقدير.