فهد بن جليد
رحلة الحصول على وظيفة في بيئتنا العملية مُنذ (السبعينات الميلادية) تبدو مُتدرجة ومنطقية، فمن كان يقرأ ويكتب أو يفك الخط كما يُقال، مطلوب للعمل الفوري -آنذاك- بعدها أصبح من يحمل الشهادة الجامعية له الأولوية والمراتب العُليا، عقب ذلك كانت حقبة الابتعاث الأولى، ثم أصبح هناك نوع من التمايز لمن لديه قدرة على التعامل مع الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، أو من يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ثمَّ جاء تفضيل خريجي أرقى الجامعات العالمية تبعاً لبرنامج الابتعاث للخارج، وبموازات ذلك أصبحت القدرة على الإقناع بالـCV مع بعض الخبرات العملية والتطوعية والدورات التطويرية تفرق في الفوز بالوظيفة وشغلها، وما زال التحدي مُستمراً مع إشراقة صباح كل يوم، بنقاط تمايز وجذب جديدة ومتطلبات تناسب كل حقبة وتطوراتها العصرية.
اليوم يبدو مصطلح (الذكاء الاصطناعي) حاضراً وبقوة في معايير المفاضلات الوظيفية في كل مكان، حتى في أذهان أصحاب القرار في إدارات الموارد البشرية بالمؤسسات والشركات، الأذكياء وحدهم من بين (الباحثين عن عمل) انخرطوا في دورات تدريبية أو حصلوا على شهادات قصيرة في مجال برامج الذكاء الاصطناعي، وأضحوا أكثر ميزةً، وقبولاً وقدرة على الفوز بالفرص الوظيفية من غيرهم، وجود هذا المُصطلح له بريق ولمعان في سيرتك الذاتية، فهو يعني مواكبتك لاحتياجات العمل بأحدث المُمارسات التكنولوجية بأرقى المعايير العالمية، وبقدرتك على طرح برامج إبداعية مبتكرة تساهم في تسهيل العمل وتطويره والقفز به نحو المستقبل.
ما أتحدثُ عنه هنا هو (المبادرات الشخصية) لتطوير الذات والقدرات الخاصة وانعكاسها على حياة الأفراد الوظيفية، ليواكب ذلك الإستراتيجية السعودية لتعزيز مسيرة الابتكار والتطوير الرقمي وتحقيق أهداف رؤية 2030 ، لا سيما مع إنشاء هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي برئاسة سمو ولي العهد -حفظه الله- والتي تعكس شغف السعوديين بالتطوير والابتكار والريادة والإبداع، باختصار من لم يطوِّر نفسه أكثر بمواكبة العصر وقفزاته، ويتعلّم أساسيات علم الذكاء الاصطناعي ومبادئه والمعنى الكامن خلف هذا المُصطلح، بالحصول على دورات شخصية تشغيلية وتثقيفية في هذا العلم لاكتشاف الفُرص التطويرية والتطبيقية في مجال عمله، أتوقع أن تصبح وظيفته مُهدَّدة وحقاً مشروعاً لمن هم أكفاء وأجدر وأكثر فائدة، -برأيي- كل ما سبق وتعلّمه الإنسان في حياته شيء، وما يمكن أن يضيفه له الذكاء الاصطناعي شيء آخر، تماماً مثلما هي صورة رحلة البحث عن عمل (من فك الخط، إلى هذا العلم المتقدِّم).
وعلى دروب الخير نلتقي.