محمد سليمان العنقري
تصريح ملفت للرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض فهد الرشيد قبل أيام أوضح فيه استعداد الرياض لاستقطاب استثمارات ضخمة بحوالي ثلاثة تريليونات ريال متوقعاً أن يصل عدد سكان المدينة إلى 15 مليون نسمة في غضون الأعوام العشرة القادمة، فالتصريح فتح الباب على تساؤلات عديدة مهمة لأن ما ورد فيه سيمثل تحولاً جذرياً بمدينة الرياض ويعني الكثير لسكانها وللمستثمرين فالعاصمة الرياض تعد من أكثر مدن العالم نمواً بمساحتها وخدماتها وتطورها خلال العقود الخمسة الماضية وهي مدينة عصرية وتقدمت على الكثير من عواصم العالم والمدن الكبرى فهي تحتل المرتبة 18 من الناحية الاقتصادية بين مدن العالم وتحقق 47 بالمائة من الناتج غير النفطي بالاقتصاد الوطني.
فما ذكر من أرقام مستقبلية يتوقع أن تتحقق يعد تحدياً كبيراً لأن المدة الزمنية ليست بالطويلة نسبياً وإذا كان قد ذكر بأن هناك تريليون ريال تم استثمارها من قبل الدولة في مشاريع عملاقة مثل المترو أو بوابة الدرعية والقدية وغيرها بعضها نفّذ والبقية في مراحل التنفيذ، لكن التساؤلات التي تحتاج لإجابات عليها كثيرة لأنه يترتب عليها توجهات مختلفة من قبل القطاع الخاص والمستثمرين وأيضا سكان المدينة في خططهم لتملك مساكن قد ينتظرون معرفة ماهي الأحياء أو الضواحي الجديدة وماذا ستتضمن من خدمات وسينتظر المستثمرون ماهي المشروعات التي يمكن أن يوجهوا استثماراتهم لها وفي أي اتجاه من المدينة فمضاعفة عدد السكان من 7 ملايين إلى 15 مليون نسمة يعني مضاعفة حجم الخدمات المطلوبة لهذا العدد الضخم الذي يفترض أنه سيزيد بمعدل متوسط 800 ألف نسمة سنوياً وهو رقم كبير جداً ومن المهم معرفة من أين ستأتي هذه الزيادة السكانية.
فإذا كان مضاعفة حجم اقتصاد مدينة الرياض ستعني خليطاً وتنوعاً في نوعية الزيادة السكانية أي لا تعتمد على نمو سكان المدينة الطبيعي أو الهجرات من مدن صغيرة بسبب فرص العمل والتعليم التي ستتوفر بالرياض بل أيضاً بأن تكون الرياض مدينة اقتصادية عالمية تستقطب وافدين بأعداد كبيرة من كبرى الشركات العالمية ومستثمرين أجانب فهذا يعني ضرورة توفير عدد كبير من الوحدات السكنية والخدمات والبنية التحتية وهو ما يعني فرص استثمار كبيرة للشركات الوطنية للمساهمة في توفير الاحتياجات الضخمة للمدينة كما تمثل زيادة هذا العدد ضغطاً كبيراً على وسائل النقل وازدحام الطرق والشوارع وهذا يتطلب أيضاً خطة استباقية لتوفير الانسيابية بحركة التنقل بالمدينة كما أن عدد المساكن المطلوبة لاستيعاب هذا العدد الكبير الذي سيضاف لسكان الرياض يقارب مليون وحدة سكنية إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود 1،2 مليون وحدة سكنية حاليا يسكنها سبعة ملايين فرد أي يفترض أن يضاف قرابة مائة ألف وحدة سنوياً وهو رقم يتطلب جهودا كبيرة ونشاطا ضخما من قبل المطورين والمقاولين ومصنعي ومستوردي مواد البناء وبقية الخدمات المطلوبة هذا بخلاف الخدمات الأساسية من شبكات مياه وصرف صحي وكهرباء واتصالات ومرافق تعليمية ومنشآت صحية وخدمات التسوق وعشرات من الخدمات الأخرى أي بالفعل سيكون حجم التدفقات الاستثمارية كبير جداً ولا يقل عن تريليون ريال التي ذكرت بالتصريح بخلاف الاستثمارات بمبلغ مماثل في بناء الوحدات السكنية.
الإيضاحات تعد ضرورية من قبل الهيئة فإذا ما أعلنت تفاصيل هذه الخطط الطموحة فإن أمور عديدة ستتغير بخطط المستثمرين وتركيزهم على مدينة الرياض بمشاريعهم المستقبلية وكذلك سينعكس على أسعار الأصول العقارية وأيضا توجهات السكان من الشباب أو ممن لم يتملكوا سكناً حتى الوقت الحالي باختيار الأحياء التي ينوون تملك سكن فيها بل إن سكان القرى والمدن الصغيرة القريبة تحديداً من الرياض قد يرون أن انتقالهم لها يعطيهم فرصا افضل بالعمل وهو معاكس لاتجاهات خطط التنمية التي تضمنتها رؤية 2030 بالنهوض مناطقياً وقطاعياً والاستفادة من الميّز النسبية لكل منطقة ومدينة لاستدامة وتنوع وانتشار التنمية وعدم تركز الفرص بالمدن الكبيرة فقط فهل سنسمع قريباً عن إيضاحات من قبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض توضح وتفصل الخطة المستقبلية للنمو الحضري للرياض؟