د.عبدالعزيز العمر
قبل أن يصل الفرد إلى مرحلة متقدمة من نضج التفكير فإنه ينشأ لديه ميل واضح نحو البحث عن سبب واحد ليفسر به أي ظاهرة علمية أو اجتماعية، فلا تتعجب مثلاً لو سمعت أحدهم يقول: إن وزير التعليم هو سبب تخلف التعليم، وكأنه يقول: لا يفصلنا عن التعليم الحلم سوى أن نغير وزير التعليم والإتيان بوزير بديل. وبالمثل، وقد تسمع أحدهم يقول إن مستوى أداء المعلمين سوف يتحسن بمجرد زيادة رواتبهم، وكأنه يقول لا يفصلنا عن تحقق جودة التدريس سوى أن نرفع دخل المعلمين. وعندما يرتقي مستوى نضج التفكير لدى الفرد فإنه يبدأ في إدراك أن الظاهرة - أي ظاهرة كانت - لا تحدث إلا إذا تحققت وتآزرت عدة مسببات، فمثلاً ظاهرة نزول المطر لا تتحقق إلا إذا توافرت وتفاعلت عدة أسباب (ضغط جوي وحرارة وحركة رياح.. إلخ)، وفي حالة التعليم تتآزر العوامل أو المسببات التالية لإحداث التطوير المستهدف: دعم سياسي، نمط الإدارة العليا، ميزانية كافية، برامج إعداد وتدريب المعلمين، توفر التقنية... إلخ. والاحترافية في التطوير التربوي تأتي من ضبط تفاعل وتكامل هذه المتغيرات بتوازن دقيق لتحدث الأثر المطلوب. تطوير التعليم ظاهرة معقدة، وهي ليست من البساطة بحيث نحدد سبباً واحداً لفهمها وتفسيرها، وهنا يكمن تحدي أو صعوبة التطوير التربوي.