منصور بن شليويح العنزي
المتنمرون الجدد هم فئة تعمل على إيذاء الآخرين باستخدام الوسائل التِّكنولوجيَّة الحديثة، لبث الخوف والتحريض على الكراهية وإثارة السخرية من قبل شخص أو عدة أشخاص للسيطرة على الضحية وإذلالها وميل مكتسبات غير شرعية عن طريق وسائل التواصل الالكتروني وفي هذه الفترة أصبحت شبكة الإنترنت الشُّغلَ الشَّاغلَ للجميع، فهناك من يُطالع شبكة الإنترنت بهدف التَّواصُل مع الأهل والأصدقاء، وخُصوصًا من لم نَرَهُم منذ فترة، والبعض الآخر يتواصلون مع زُملاء العمل للتَّعرُّف على آخر التَّعليمات، والطلاب يستخدمون الإنترنت بهدف التَّعلُّم عن بُعد، أو الحُصول على دورات تدريبيَّة، أو ممارسة الألعاب الإلكترونية، وأخيراً ظهرت التجارة الإليكترونية فيستطيع من يجلس في منزله أن يتسوَّق اليكترونياً ما يُريد من سلع أو خدمات مع تعدُّد الخيارات ومن كل أنحاء العالم، وبالأسعار التي تتوافق مع إمكانياته الماليَّة.
وعلى الرغم من كون شبكة الإنترنت فارقة على جميع المُستويات، ومثلما وُجِدَ الخير وُجِدَ الشَّر ويمكن أن تُستخدم في الوقت ذاته في ارتكاب جريمة، ظهر ما يعرف (التَّنمُّر الإلكتروني).
ومن أشهر ممارسات وأعمال المتنمرون الجدد التَّعليقات بشكل غير لائق من النَّاحية الأخلاقيَّة أو الاجتماعيَّة، وتصوير الآخرين سواءً كانوا بالغين أو صغارا في السن دون علمهم مع نشر الصُّوَر على المواقع الإلكترونيَّة أو شبكات التَّواصُل الاجتماعي وتداوُلها، وكذلك تعديل الصور ونشرها وبما ينتهك الخصوصية وكذا نشر معلومات شخصيَّة عن الآخرين بهدف ابتزازهم والتَّشهير بهم، وإيذائهم، وكذلك رسائل التَّهديد، سواء التي تُرسل عبر البريد الإلكتروني، أو الحسابات الخاصَّة على شبكات التَّواصُل الاجتماعي مثل: تويتر، وفيسبوك، والإنستغرام، والواتساب، والألعاب الالكترونية، وما يستجدُّ من أدوات وتطبيقات يُمكن أن تجمع البشر افتراضيًّا على شبكة الإنترنت.
ينتج عن هذه الاعتداءات بعض الآثار السلبية على الفرد ومنها صعوبة الثقة بالآخرين والنظر إليهم بعين الشك، وتشتت الذهن وتدني مستوى التحصيل الدراسي وتدني الإنتاجية في العمل والنظرة الدونية للذات، والخوف والقلق والترقب، والتعرض لأمراض نفسية واجتماعية وجسدية، وقد يلجأ الفرد إلى السلوك العدواني نتيجة التنمر الإلكتروني، فقد يتحول هو نفسه مع الوقت إلى متنمر أو إنسان عنيف إذا ما تدارك الأمر.
ولمواجهة المتنمرون الجدد والتَّنمُّر الإلكتروني سُنّت قوانين وأنظمة يُتم عن طريقها مُحاسبة من يقوم بإيذاء الآخرين بعقوبات رادعة عرفت (بنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية) في كل دول العالم تقريباً، وفي بلادنا المملكة العربية السعودية يستطيع المتضرر أكان مواطناً أو مقيما من التقدم ببلاغ عن الجرائم الإلكترونية عن طريق منصة تابعة للأمن العام في وزارة الداخلية.
ولتجاوز انعكاسات التنمر الالكتروني على الأفراد اجتماعياً هناك عدة توصيات منها ضرورة تثقيف وتدريب أفراد المجتمع حول كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني والمتنمرون الجدد لوقاية أسرهم وأبنائهم وبناتهم وبالإضافة إلى الدَّور الأُسريِّ في تنمية الجوانب الأخلاقيَّة لدى الأبناء ضرورة تعزيز دور المعلمين والمعلمات والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين في قطاعات التعليم لتسلط الضوء على هذه الظاهرة عن طريق التعامل معها ومناقشتها بشفافية ووضوح مع طلاب وطالبات المدارس، وتكثيف جهود هيئة الاتصالات ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات حول أهمِّية توعية المجتمع عبر وسائل الإعلام المُختلفة بمخاطر التَّنمُّر الإلكتروني والعواقب التي يُمكن أن يُحدثها، سواء من النَّاحية المعنوية أو الاجتماعية أو المادية للوصول (لمجتمع حيوي) بإذن الله تعالى.