د.عيد بن حجيج الفايدي
المتسوِّل هو: من سأل أي طلب العطية المالية النقدية والصدقة من الآخرين وهو الذي يحصل على المال بدون مقابل أو عمل يقدّمه مستخدماً أساليب. متنوِّعة ومختلفة حسب الزمان أو المكان الذي هو فيه. فهو يطلب مباشرة مثل قوله: «حسنة لله يا محسنين» أو يعرض فواتير المياه أو الكهرباء مطالباً الآخرين بالتسديد وغير ذلك، ومنهم من يدّعي الإصابة بمرض معيَّن أو عاهة مستديمة أو يحمل طفلاً أو رجلاً مسناً به عاهة ليكسب تعاطف الناس.
والتسوّل ليس ظاهرة، بل هو مشكلة خطيرة تحتاج إلى مصارحة ومواجهة.. والغريب أن المتسوّل يدرك خطورة عمله لذا تجد حذره وحرصه في التخفي والهرب من جهات مكافحة التسوّل التي. تبذل جهوداً كبيرة للقضاء على هذه المشكلة بالتنسيق مع جهات حكومية عديدة.
ولا يخفى على القارئ الكريم الأحاديث النبوية التي حذَّرت من التسوّل مثل ما ورد في صحيح البخاري. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حتَّى يَأْتِيَ يَومَ القِيَامَةِ ليسَ في وجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ).
وفي شرح الحديث: يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم (أنَّ الرَّجلَ المُتسوِّل عن غيرِ عَوَزٍ وفاقةٍ، وإنَّما يسأَلُ تكثُّرًا، ويُذِلُّ نفسَه، ويمتهِنُ كرامتَه الَّتي أوجب اللهُ عليه صيانتها- يغضَبُ اللهُ عليه، فيُذِلُّه ويُهِينه يومَ القيامة كما أذَلَّ نفسَه في الدُّنيا، ويفضَحُه على رؤوسِ الأشهاد، فيسلُخُ له وجهَه كلَّه، حتَّى يأتيَ أمام النَّاس وليس في وجهِه قطعةُ لحمٍ؛ جزاءً وفاقًا لِما فعَله في الدُّنيا مِن إراقةِ ماءِ الوجه).
ومع وجود هذا الدليل النبوي الواضح ووجود كثير من الفتاوي والتوجيهات إلا أن أساليب التسوّل وأعدادهم تزداد عند المساجد وفي مراكز التسوّق وعند إشارات المرور. صحيح أنه لا يمكن التعميم على جميع من تسوّل أنه غير صادق لكن هذا يمكن حصره من خلال الجهات ذات العلاقة لمتابعة وعلاج هذه المشكلة. لكن للأسف الشديد ظهرت أنواع من المتسوّلين لا تراهم بالعين المجرَّدة لكن تشعر بهم عند تصفّح واستخدام شبكة المعلومات. وخطورة هذا النوع الافتراضي أنه أكثر عدداً وأشد خطراً من المتسوِّل العادي الذي يسير في الشارع وبين الناس وله محيط محدد وملموس غير أن المتسوِّل الإلكتروني خطورته وشره تجاوز حدود مدينته أو دولته؛ فهو ضمن منظومة إلكترونية لها هدف محدد هو استغلال تقدّم التقنية المتسارع وكذلك يستخدم تطبيقات مثل الواتس والفيس بوك. أو تويتر أو غيرها من تلك التطبيقات الإلكترونية في الهواتف الذكية وللأسف الشديد أيضاً قد يكون محتاجاً وصاحب حاجة ماسة وتعميم الحاجة أو عدم حاجته هذه قضية شائكة ومتداخلة تحتاج إلى تحر وتقص.. وأيضاً قد يكون منهم من هو في منظومة إلكترونية تسلَّلت واقتنصت وجمعت أموالاً بطرق متنوِّعة ومبتكرة ومتجدِّدة وأضحى للتسوّل الإلكتروني ميداناً جديداً واسعاً تمكَّن من خلاله من تحقيق أهدافه أكثر من وقوف المتسوِّل العادي في قارعة الطريق وتعرّضه للحرارة أو التقلّبات الجوية. وبرزت أنواع جديدة للتسوّل غير معهودة سابقاً، بل إن التسوّل الإلكتروني تجاوز مرحلة الهدف المادي وظهرت أهداف أخرى تجاوزت الحدود المكانية والزمانية وتنوَّعت أنواع وأساليب التسوّل الإلكتروني مثل ظهور التسوّل العاطفي والتسوّل الانتخابي والتسوّل الفكري وغير ذلك من النماذج الكثيرة.
وتجاوز التسوّل الإلكتروني عامل الزمان وعامل المكان ووصل خطرة إلى أماكن بعيدة جداً، فإذا كان التسوّل القديم أو التقليدي له هدف مادي فقط فإن التسوّل الإلكتروني أكثر شراً وأكبر خطراً.
ومما يزيد القارئ ألماً ظهور حسابات إلكترونية تحمل أسماء ومعرفات سعودية لعلها تكون وهمية هذا يطلب تسديد فاتورة كهرباء وثان يطلب تسديد قيمة إيجار السكن وثالث يطلب تسديد قرض السيارة وغير ذلك كثير جداً.
ويمكن علاج هذه المشكلة بكل يسر وسهولة - وخصوصاً إذا كان البنك سعودياً- هنا يحتاج البنك إلى رسالة عاجلة من جهة الاختصاص. إلى إيقاف الحساب الجاري وتجميده ويعلن ذلك في حينه.. صحيح أن هناك نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وما فيه من خطوات رادعة وواضحة إلا أن المشكلة ما زالت في ازدياد وتحتاج إلى تنسيق. ومزيد من الجهود المشتركة سواء في الداخل أو الخارج.. ولعل الرسالة واضحة إلى مستخدم الشبكة المعلوماتية بأن لا يكون عاطفياً ويحكِّم عقله فهو لا يزال الحارس الأول والمسؤول المباشر عن حساباته وتصرفاته.