د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
اللقاء الافتراضي الذي تشرَّفنا بحضوره مع معالي وزير الإعلام الأحد الماضي إعلان لنوع جديد من المسؤولية المباشرة مع صفوف المنفذين؛ وموجزه أن نكتب بنموذج وطني أفضل! ودائماً ما نتساءل في مستراد عالم الصحافة: هل يلزمنا نموذج وطني ذو إطار مرجعي لتأسيس منصات عليا للصحافة السعودية الحديثة؟ واستحداث قنوات جديدة في هيكلة الإعلام الصحفي لصناعة الرأي الناصع المتجلي البعيد عن الانطباعية والذي يتجاوز ثغرات التكرار والطرح المتردد؛ والذي لا يفتح أبوابه إلا لمن يملك جلّ أدواته، وحزمة من تلك التساؤلات وردت في حوارنا مع معالي وزير الإعلام المكلَّف الدكتور ماجد القصبي وهو لقاء في مجمله غرس جديد واستطلاع رأي أصحاب الصناعة وحاضرها واستشراف مستقبلها ليتساوق مع الحضور الباذخ لبلادنا في المكان والمكانة؛ وقد حَفُلَ الحوار بكثير من النقاط المضيئة وتجلّتْ فيه الرغبة الصادقة عند معالي وزير الإعلام في منهجة هذا النوع من الكتابة الصحفية وتأطيره وترقية نتائجه للوصول إلى القناعة المجتمعية والإسهام في البناء الوطني! والحقيقة أن اللقاء الافتراضي وإن خلا من وهج المباشرة في الحضور إلا أنه اكتنز بحيوية تشكَّل فيها حوار مسؤول شفَّاف وكثُرتْ فيه الوعود بشكل لافت! ولكن يبقى اللقاء سابقة يُشكر عليها معالي الوزير، فقد كان التلقي والتفاعل يتواشج مع تلك الوعود،، ولقد أحاطت باللقاء التلقائية الودودة من معالي الوزير، ويُحمدُ لمعاليه أنه لم يتكئ في حواره على رصد سابق لم يلمسه في المجالات المطروحة للقاء وهذا في حد ذاته أسلوب صادق بصير لتحقيق الانسيابية في الحوار وطرح الرأي المناسب، ولذلك كان معاليه يوجز راصداً كل فكرة تطرح وما تليها حول ما يجب أن يكون عليه واقع الإعلام السعودي ومستقبله بصفة عامة وصحافة الرأي بشكل خاص وركَّز المجتمعون من كتَّاب الرأي على حتمية صناعة فكر إعلامي صحفي سعوديٍّ يدعم السياسة السعودية في الخارج بإبراز المنجز؛ واسترفاد القرار السعودي اللافت، والوقوف بقوة حين ترتفع أصوات الناعقين! والتواشج مع كل ذي لب منصف ممن يرى بلادنا كما هي في عليائها، وأن يكون إعلامنا عصرياً يطوّق علاقاتنا مع دول العالم؛ ليصبح بثاً فاخراً لشراكاتنا العالمية القافزة في كل صورها ومجالاتها؛ وأن يتصدر الرأي الإعلامي السعودي اهتمام الصحافة العالمية؛ ويكون في عمق الحدث وجواره محققاً الصدق أولاً؛ والدهشة والإثارة والديمومة..كم نحن بحاجة ماسة للنَفَس الإعلامي الطويل! وصحافة الرأي عنوان لذلك، والقراءات الصحفية الممنهجة التي ترقّي الخطاب الإعلامي المحلي بما يعزِّز الثقة بالمنجز الوطني وذلك التوجه يحتاج إلى منظومة إعلامية متكاملة تدفع المخرجات الإعلامية لتكون دامغة مقنعة؛ وليكون المنتج الإعلامي السعودي مبدعاً في رسم خارطة التحولات الإيجابية في الداخل والخارج؛ وأن يصبح الإعلام موجهاً أميناً لتنفيذ إستراتيجيات التنمية، وأن يكون الإعلام الرسمي والخاص بوسائطه المتقدِّمة شريكاً للدولة في تقوية الانتماء الوطني بما يؤصِّل تعزيز القيم العليا التي قامت عليها أركان بلادنا الغالية.
ولعل هذا المقال لم يستطع حمل الهاجس الكبير الذي تشكَّل في فكر كتَّاب الرأي في لقائهم مع معالي الوزير نحو واقع الإعلام الصحفي وما يجب أن يرقاه من مراكب جديدة ليجتاز إلى ضفاف العالم باقتدار.
وبعد ذلك الفيض في ذلك اللقاء المحمود نأمل أن تقدِّم وزارة الإعلام نسخاً منقَّحة في نفسٍ واحد تتلاقى أهدافها نحو الوصول الجديد.. فقد كثُر كتَّاب الرأي في الصحافة المحلية وتكاثروا! وتشابكتْ منابر طروحاتهم هنا وهناك وحتماً فهي تنشدُ الدعم والتحديث، والأطر المرجعية الممهورة علمياً، ورفع مستوى الاحترافية وتشكيلاتها من خلال تمهين الصحافة وتخصيص موضوعاتها، واستقطاب صانعيها الأكفاء باستحداث الجديد المُلِحّ، وترقية واقع المعرفة الأكاديمية الصحفية فما زالت تحبو في جامعاتنا! كما يحتم العهد الجديد في بلادنا توجيه المنتج الصحفي السعودي إلى جدارة الطرح والاستحواذ على الخبر المحفّز والاحتفاء به، ونشره وتطويره وترقية الخطاب الصحفي، وتحقيق مسافات مضيئة للبث المعتدل، والصوت العاقل؛ حيث إن المنبر الصحفي بتعددية صوره يظل مرادفاً للحياة الاجتماعية المتحضِّرة التي نأمل أن تنتقل عبر القارات وهي مشرقة سليمة.. ونأمل أن تصنع وزارة الإعلام برامج إعلامية لنشر خطاب السلام في العالم الذي صنعته بلادنا، وعقدت له قيادتنا الألوية.
وتأسيساً لكل الطموحات والتطلعات ينبغي صناعة تواشج ووحدة بين وزارة الإعلام وكل الجهات الرسمية ذات الصلة بالخارج لترقية المستوى الإعلامي الخارجي في المجال الصحفي وغيره من منصات البث وتوثيق الرباط مع مؤسسات المجتمع المدني لتحرير الحقيقة هنا في بلادنا دون استحداث مرجعيات جديدة في هيكل الوزارة، فالواقع وفير إذا ما أُحسنتْ إدارته وأُجيد استثماره!