خالد بن عبدالكريم الجاسر
لم يكن لفظ «شفاف» بضعف الحال للرؤية في الضوء، بل ليُرى ما إذا كان وراءه عيب، بدقة وتبينه، فاستشف الكتاب أي تأمل ما فيه، فصارت شفافيةً وأمانة ونزاهة، وغيابها يُشجع على الفساد، وهو قوة مُدمرة تظهر شدتها أكثر ألماً على الفقراء والمساكين، بل يبدد الثقة الضرورية بين المواطن والدولة لنجاح التنمية، فنُظم الإدارة والحوكمة السيئة هي واحد من أربعة أسباب رئيسة للفقر في جسد «سرطان الفساد»: (الصراع والعنف، والزيادة السكانية؛ المناخ وآثاره؛ والكوارث الطبيعية)، والتي عافانا الله منها في مملكة الإنسانية لنعيش في أمن وسلم ونِعِم نُصدرها للعالم، ويحسدُنا عليه الحاسدون، وصرنا مضرب الأمثال في مواجهة تلك الآفات التي تنخُرُ بسوسها في بنيتنا المجتمعية، وسد كل القنوات التي تُخفي شراً لوطننا، لتضرب «نزاهة» بيد من حديد بمشاركة جهات عدة.. عَهِدَ إليهم الوطن أمانة تنفيذ الغرض المُتوخى منها، وألا تترك مرتعاً للاحتيال والفساد المالي والإداري مهما قلَّت تكلفتها أو كَبُرت، وإعطاء كل ذي حق حقه بكل شفافية ووضوح وسواسية، لتُعيد للوطن مليارات من عدة قضايا آخرها ما كشفت عنه بمباشرتها 105 قضايا جنائية، شملت عضو هيئة تدريس وموظفين بالصحة والكهرباء والتعليم والشرطة والنيابة والجمارك والإعلام، وقامت بحصر المُخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، وتتبُّع الأموال والأصول، ومنع نقلها أو تحويلها من قِبل الأشخاص والكيانات أيًّا كانت صفتها.
ولطالما كانت هيئة مُكافحة الفساد تسير بمبادئ راسخة وخُطى ثابتة، حازمة في ظل تداعيات اقتصادية عالمية عايشها البلاد لمواجهة جائحة كورونا المُستجد، فهي لم ولن تتوانى في الحفاظ على ممتلكات ومقدرات الدولة والحقَّيْن العام والخاص، واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج، وإعادة الأموال للخزانة العامة للدولة، وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة.
وقد عزم عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بكلماته العطرة: «إن السعودية لا تقبل فسادًا على أحد، ولا ترضاه لأحد، ولا تُعطي أيًّا كان حصانة في قضايا الفساد».
ليُؤكدها مجد طويق وأمين رؤيتنا الثاقبة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- للوقوف بقوة وبحزم أمام كل فاسد مهما كان منصبه قولاً وفعلاً: «لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد أيًّا كان، لن ينجو متورط (وزيرًا كان أو أميرًا)»، فهل وصلت الرسالة للفاسدين؟