تمثل مبادرات عدد كبير من المواطنين بتسليم ما لديهم أو عثروا عليه من قطع أثرية للدولة قصص نجاح وفخر واعتزاز، تعكس وعي هؤلاء المواطنين بالأهمية التاريخية لآثار الوطن، وضرورة أن تكون في حماية الجهة الحكومية المعنية.
وقد نجحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقا) في استعادة أكثر من 54 ألف قطعة أثرية من داخل وخارج المملكة. وتكريم حوالي (300) شخص من داخل المملكة وخارجها من قاموا بإعادة قطع أثرية وطنية، وذلك في عدد من المناسبات التي أقامتها الهيئة.
وممن سلموا قطعا أثرية مهمة للهيئة المواطن والإعلامي محمد هليل البلوي، الذي قام بتسليم الهيئة قطعة أثرية عمرها 6 آلاف سنة كانت تستخدم كمسلة شاهدية توضع على المقابر، وهي عبارة عن مجسم حجري للنصف الأعلى لجسم إنسان يحتوي على الوجه، والعينين، وفم غائر، وأنف مستطيل بارز، مع وجود رمز هندسي تحت العين اليسري، وتتدلى على الصدر قلادة وثلاثة حبال.
وكان البلوي يحتفظ بها من منطق هوايته وحبه لجمع الآثار واقتنائها، وظلت معه طيلة 14 عاماً، فكان يولي القطعة الأثرية أهمية بالغة، ويضعها في مكان آمن طيلة فترة وجودها بحوزته، وعند صدور نظام الآثار سار على نهج نظام الدولة؛ فقام بتسجيلها في السجل الوطني للآثار، لكنه عاد وقرر تسليمها طواعيةً؛ إيماناً منه بأنها ملك للوطن، وأن إعادتها أمانة.
وقد استقبله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقا)، ومنحه مكافأة وشهادة تكريم لتفاعله مع توجهات الدولة، وثمَّن بادرته الوطنية لتسليم القطعة الأثرية.
وأكد البلوي أن عمله كإعلامي خلق لديه تفاعل كبير مع حملات التوعية الإعلامية التي قامت الهيئة بها للتعريف بقيمة التراث الوطني، والطرق المثلى للتعامل مع مكوناته؛ فأدرك أن المكان المناسب لوجود الآثار هو المتاحف؛ كونها جزءاً مهماً من حضارتنا الإنسانية والتاريخية، ونافذة الحاضر على الماضي.
ويشير البلوي إلى أن الرسالة التي يبعثها لجميع المواطنين ممَّن يمتلكون قطعاً أثرية، هي المبادرة إلى تسجيلها بالسجل الوطني للآثار، وتسليمها للهيئة، داعياً جميع أبناء الوطن إلى عدم العبث بالمواقع الأثرية وتعريضها للتدمير من جراء عمليات البحث الوهمية عن الكنوز في تلك المواقع التي بذلت الدولة جهوداً كبيرة في سبيل الحفاظ عليها من خلال تسويرها وإعادة ترميم الكثير منها؛ لتظل شاهدةً على حضارة المملكة الضاربة في عمق التاريخ.