التكنولوجيا في التعليم تساعد على اندثار الجهل التقني لدى الطلاب والارتقاء بالعملية التعليمية لتواكب التطورات الحديثة في المجتمعات. التكنولوجيا أصبحت الهاجس الأكبر لتطورات الدول في المقام الأول وللتغلب على ذلك، الكثير من الدول قامت بدمج التقنية في تعليم الطلاب منذ المراحل الأولى. وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية اتخذت خطوات في هذا الجانب بشكل إيجابي حيث أنها أنشأت الأنظمة المساعدة لكوادرها التعليمية.
هناك جهود واضحة قامت بها وزارة التعليم بدمج التقنية في مجالات التعليم فأنشأت أنظمة لإدارة الكوادر البشرية كنظام فارس. كما أنها حرصت على أتمتة المعلومات وإصدار الشهادات والتقارير للطلاب عن طريق برنامج نور، الذي أصبح نقلة تقنية متطورة في مجال التعليم بالمملكة العربية السعودية. كما أن الوزارة اهتمت في زيادة التحصيل العلمي للطلاب، وأنشأت البوابة الوطنية التعليمية (عين) الذي يعتبر شرح للدرس عن بعد. كما أنها قامت بإنشاء الباركود (QR) الخاص لكل درس في كتاب الطالب ليتم نقله عبر كاميرا الجوال لمعلومات إضافية عن الدرس باستخدام الهاتف المحمول.
العملية التعليمية لم تعد مجرد تلقين وحسب بل أصبحت أكثر من ذلك فلا بد من الإيضاح بالعقل، والتجربة بالحواس، والتعليم بما اعتاده الطلاب في مجتمعهم للحصول على فائدة أكبر للوصول إلى ناتج تعليمي مميز كاستخدام الهاتف والحاسوب. جميع هذه التقنيات هي تساعد الطلاب بالحصول على مصادر تعليمية خارج غرفة الصف، لكن السؤال المهم هل استخدمت الوزارة التقنية داخل غرف الصف؟
أصبح من الضروري في حياتنا استخدام التقنية بكافة المجالات ولا سيما التعليمية بشكل خاص. الكثير من المعلمين يعتمد على السبورة العادية في الشرح. وكثيراً مانشاهد التعليم المدمج داخل الفصول الدراسية لكن لم يطبق بشكل جدي في التعليم العام في المملكة العربية السعودية ولا عذر لذلك. كثير من المدارس في دول العالم تستخدم الهاتف الذكي وسيلة للتعليم بإنشاء الفصول الافتراضية كوسيلة محببة للطلاب في الإجابة على تساؤلاتهم بالتواصل مع معلمهم وتعتبر قناة تعليمية حديثة. وإذا تحدثنا عن دمج التقنية بالتعليم لا نعني بذلك مشاهدة الشروحات عن طريق المقاطع المرئية التي تُظهر معلما يشرح على سبورة، بل أعني تلك التطبيقات التي تُعنى بالتعليم عن طريق اللعب مثل تعلم حروف الجر باللغة العربية عن طريق فراغات داخل قصة قصيرة ليضع الطالب حرف الجر الصحيح أو تعليم الأطفال عبر الرسوم المتحركة. لا أشك بأن وزارة التعليم قادرة على إخراج مسلسل كرتوني لتعليم الأطفال أساسيات اللغة العربية أو الحساب بشكل محبب للمرحلة الابتدائية. فبهذا يتم تجديد الوسيلة التعليمية وإعادة شرح المعلم بطريقة مختلفة ويتم إيصال المعلومة للطلاب بشكل مختلف ومحبب لهم كما أنها ستخدم كثيراً الطلاب من فئة الصم.
إن الأزمات غالبا ما تتيح الفرص الذهبية في كافة المجالات. ونحن نعيش أزمة عالمية بانتشار وباء كورونا، وقد قامت وزارة التعليم بمجهود عال في وقت قياسي ويحسب لها مشكورة على ذلك. لكن أليس من الأفضل أن نقوم على تطوير التقنيات المساعدة في التعليم لمرحلة ما بعد الوباء؟ ولماذا لا تكون الواجبات المنزلية باستخدام المنصات العالمية مثل البلاك بورد على سبيل المثال. ولنا في الجامعة السعودية الالكترونية خير مثال داخل بيئتنا التعليمية فتم الدمج ما بين التعليم باستخدام التقنية ومابين الفصول الحضورية، تجربة تستحق الاستنساخ على مدارس التعليم العام بتطوير بما يتوافق مع أهداف التعليم. استخدام التقنية داخل الصف المدرسي لا تعني بأن يتم إحضار سبورة ذكية وعليها ملف يصور لنا الكتاب الذي بين أيدي أبنائنا، ما أعنيه بالتقنية داخل غرفة الصف هو الممارسة الحقيقية للطالب باستخدام التقنية لا لمشاهدة الكتاب الذي يحمله في حقيبته بشكل شبه يومي على السبورة.. أجزم تماماً بأن الكثير من المعلمين يبذل مجهوداً فردي عظيم محاولا إيصال تلك المعلومات إلى أدمغة أبنائه الطلاب لكني أتحدث لماذا لا تكون توجه وزارة وليست جهوداً فردية.
من الوسائل التعليمية التقنية التي قامت باستخدامها الوزارة هي القنوات التعليمية الفضائية. خطوة رائعة وجميلة لكنها مملة على الطالب هو يشاهد معلماً يقوم بشرح الدرس بنفس الطريقة التي تمت داخل غرفة الصف لا جديد يذكر ماعدا التكرار. الأفكار في هذا المجال كثيرة والمتخصصون من كوادر وزارة التعليم كُثر لكن تأتي مرحلة الاستفادة من تلك الكوادر بإشغالهم في المكان المناسب لهم لدعم جهود وزارة التعليم التي لا تحجبها الحجب ولا ينكرها إلا جاحد مكابر.
** **
- صالح بن محمد السديس