د. محمد بن إبراهيم الملحم
بعد أن تحدثت عن صور لاختبارات المدرسة الكوفيدية بالحضور إلى المدرسة بتوزيع مكاني معين، وفي توقيت زماني مختلف أحياناً أتحدث اليوم عن اختبارات المدرسة الكوفيدية عن بُعد دون حضور للمدرسة أبداً، وهناك مساران لذلك: الأول ضمن عملية التدريس عن بُعد باتباع أسلوب «التقويم المستمر»، سواء طبق بصورته المشوهة التي يستخدمها التعليم في المملكة اليوم (مع الأسف) أو بصورته الأصيلة المفترضة، وأقصد بالصورة المشوهة الحالية ما يحصل من تحديد أيام أو حصص معينة لطرح أسئلة التقييم فيستعد الطالب لذلك «الاختبار الشفوي»، ومع أنها طريقة تفرّغ التقويم المستمر من جوهره الذي يربط التقييم بالتعلم، إلا أنها تعتبر عملية اختبارية كاملة الأركان كوسيلة لإصدار الحكم على مقدار تعلم الطالب وهو هدف العملية الاختبارية اللوجستي، أما طريقة التقويم الأصيلة فتتضمن طرح المعلم الأسئلة الشفوية المفاجئة لطلابه كل حصة «تقريباً» بحيث ينسجم طرح الأسئلة كمًّا ونوعًا مع خطة الدرس واستراتيجيته، وتكون داعمة للتعلم وليست تحديًّا للطالب، كما تتفق مع توقعات المتعلم وتطرق المهارات أكثر من الحفظ الأصم، ومع كل إجابة للطالب «تقريباً» فإن المعلم يرصد النتائج، لذا فإن هذا النوع من التقييم كافٍ لتحقيق هدف العملية الاختبارية للتعلم عن بُعد وإصدار حكم على مقدار تعلم الطالب، ويمكن أن تصمم له برامج تساعد المعلم على ضبط عملية تكرار الأسئلة للطلاب بمقدار متساوٍ، وكذلك تنويع الأسئلة لضمان شموليتها قدر الإمكان، سواء على المهارات أو المحتوى، ولا بأس في مثل هذا النوع أن تركز عملية طرح الأسئلة في وقت معين من الدرس أحياناً، على ألا يكون ذلك ديدناً للمعلم.
المسار الثاني هو استخدام أسلوب اختبارات عن بُعد مضبوطة إلكترونياً، وهناك مؤسسات متخصصة في تنفيذ هذا النوع من الاختبارات لصالح المؤسسات التعليمية أو التدريبية التي تقدم شهادات معتمدة وتسمى هذه الخدمة بـOnline Proctoring حيث تقدم تقنيات وأنظمة ومعايير تساعد على إجراء اختبار عن بُعد موثوق بدرجة مقاربة جداً لموثوقية الاختبارات العادية ومن أمثلة هذه المؤسسات مؤسسة بي إس آي PSI وهذا رابطها: https://www.psionline.com/en-gb/services/online-proctoring/ والتي تذكر أن من بين عملائها الذين يستخدمون هذه الخدمة The Linux Foundation وكذلك HP Enterprise وعدداً من المؤسسات الأخرى التي هي غالباً تمنح شهادات اعتماد عن بُعد لتشغيل أنظمتها أو برامجها.
تتبع في هذه الاختبارات إجراءات مشددة من خلال تركيب برنامج خاص وكاميرا 360 درجة، حيث يقوم هذا البرنامج بلف الكاميرا حول الغرفة دورة كاملة للتأكد من عدم وجود أحد بالجوار، وهذا الإجراء يتم في البداية، ويمكن أن يتم في أي وقت أثناء الاختبار، وقد تتبع الكاميرا مساراً عشوائياً في الالتفاف لمنع الاحتيال على الكاميرا، كما أن البرنامج يقوم بفصل جميع البرامج الأخرى المثبتة على الجهاز (بما في ذلك المتصفحات) عن العمل ليضمن عدم ظهور شاشات تحوي معلومات أو أن يقوم المتدرب بالبحث عن المعلومات بواسطة الجهاز، كما يمنع بعض العمليات مثل النسخ والقص واللصق وأخذ صورة للشاشة وبرامج المراسلة النصية chat، والبرنامج يقدم الأسئلة ويستقبل الإجابات ويرسلها أون لاين فوراً حتى لا يتمكن أحد من العبث بها لو خزنت وأرسلت لاحقاً، كما أنه يسجل كل وقائع الاختبار، صوتاً وصورةً، للمراقبة اللاحقة، ولكن يمكن أن يوفر النظام للمعلم مراقبة عدد من المتعلمين أثناء أدائهم الاختبار (مثلا 6-10) وغير ذلك من الإجراءات التقنية التي تهدف إلى تحقيق درجة عالية من الموثوقية في تأدية الاختبار. وهذا الخيار ممكن تطبيقه للاختبارات عالية المستوى مثل اختبار القدرات أو التحصيلي، وقد جرب مركز قياس هذا النوع من الاختبار عن بُعد بإجراءات متوسطة فلم يشترط مثلاً تركيب كاميرات خاصة، وإنما اكتفى بكاميرا اللابتوب. ويمكن للمدرسة أيضاً أن تتبع هذا المستوى من الإجراءات لمواد معينة ولصفوف معينة، لتضمن جدية الطلاب في اكتساب المعرفة، المهم من كل ما سبق أن هناك وسائل اختبارية عن بُعد، ولكن اشتراطاتها الكثيرة إن أعاقت استخدامها بصورتها القياسية فلا تمنع أن يستقي منها التعليم الممكن تنفيذه من أساليب وأدوات تساعده على إجراء العملية الاختبارية عن بُعد على الأقل لبعض الصفوف وبعض المواد ليقلل قدر الإمكان من احتمالية تواجد الطلاب في المدرسة لأجل الاختبار التقليدي وما يصاحبه من احتمالات العدوى الكوفيدية، وسلامتكم.