سلمان إبراهيم الحوطي
«لقد تغير العالم ... وأن غدا لن يشبه اليوم» هذا ما قاله الكثير من كبار قادة العالم منهم الرئيس الصيني والرئيس الفرنسي ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق بعد جائحة كورونا، بأن فيروس كورونا سيغير النظام العالمي إلى الأبد. هذه التصريحات، والتي صدرت عن قادة ومفكرين من شرق العالم وغربه ووسطه، تظهر بوضوح أن التغيير القادم سيكون هائلاً؛ وأن عالم ما بعد كورونا لن يكون كسابقه. اقتصادياً سببت أزمة كورونا للعالم بضررٍ اقتصادي كبيرٍ يتجاوز التداعيات الصحية المباشرة للفيروس يمكننا اختصارها في النقاط الثلاث الآتية:
- سيتضرر الاقتصاد العالمي من فيروس كورونا بشكل كبير من ناحية معدل النمو وأيضاً من ناحية مستوى المعيشة وسيكون لبعض التداعيات، ومنها التغييرات الجذرية في نظام التجارة العالمي.
- في الوقت الراهن، ونظراً لتعقّد الأزمة، وانعدام اليقين حول انتشار الفيروس والسياسات التي ستتبناها الحكومات، تتراجع دقة النماذج الاقتصادية التي يمكن استخدامها لتقييم الأثر المتوقع للأزمة. ومع ذلك، أدق توقعات حالياً تشير إلى تراجع واضح بنسبة 2.6% في معدلات النمو الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
- توجد شريحةٌ واسعة من السياسات النقدية (monetary) والمالية (fiscal) تساعد في التصدي للأزمة حيث تعد السياسات المالية أعلى كفاءة من السياسات النقدية، ولكن تنفيذها أصعب وأبطأ؛ إلا أن جميع هذه السياسات تأتي بمخاطر اقتصاديةٍ ملحوظة على المدى الطويل.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن الركود الاقتصادي بسبب جائحة كورونا سينتهي العام المقبل، وسيبدأ الاقتصاد العالمي في التعافي لكن لا أحد يعرف حاليا مدى قوة ذلك التعافي، فإذا استطاعت جميع الشركات التي أغلقت أبوابها خلال الوباء والإغلاق أن تعود للعمل بسرعة، فإن عواقب الركود ستكون أقل حدة.
ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن ما إذا كان الفيروس سيبدأ في الانتشار مرة أخرى، وقد يشعر الناس بالقلق من السفر أو الخروج حتى إذا قيل لهم إن الوضع آمن، وقد يستغرق الأمر سنوات لتعود الرحلات البحرية والسفر الجوي ومؤتمرات الأعمال على وجه الخصوص إلى ما كانت عليه قبل الوباء، لذلك فإن نتائج هذا الركود سوف تكون ملموسة لسنوات قادمة.
لذا فإن التوصل لطريقة يعتد بها للسيطرة على كوفيد 19 مثل اللقاح سيساعد في خلق انتعاش قوي ولكن حتى يتم التوصل لهذه الطريقة فإن هناك عددا قليلا من العلاجات المتاحة في الركود الأخير، خفضت البنوك المركزية أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد. وهذا يعني أن الناس والشركات يمكن أن يقترضوا بسهولة أكبر، ولديهم المزيد لإنفاقه، لكن أسعار الفائدة قريبة بالفعل من الصفر في العديد من الأماكن، وقد لا يكون من الممكن تقليصها أكثر من ذلك وتقترض الحكومات في جميع أنحاء العالم بالفعل مبالغ ضخمة لدعم اقتصاداتها من خلال التخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق العام على مخططات.