سمر المقرن
مستقبلنا العزيز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبعث إليك بهذه الرسالة المحملة بحسن الظنون بك وبطيب النوايا لك، فإذا بلغتك فأعلم أننا في طريقنا إليك، قد حملنا معنا آمالنا وتطلعاتنا وجهزنا في مزودتنا الكثير من التفاؤل ليعيننا على طول الطريق وقسوة العقبات وتقلب الأجواء.
نأتيك ونحن نحمل معنا شهاداتنا وبعض من خبراتنا وشيء من معاناة الماضي، أما حاضرنا فما مسيرتنا نحوك إلا لجعله أفضل في حال كنت أنت هو، وكلنا أمل بأنك تستعد الآن ليوم وصولنا وتجهز لنا الرفاهية والازدهار، فإذا وصلتك رسالتي هذه فأصنع لنا طعاماً من فرح وأفرش الأرض ببساط من سعادة، وأجعل العلم نور يستقبلنا والمعرفة هالة تطوّقنا والحب والسلام غيمة تُظلنا، وأحرص أن يكون كلامنا حكمة، وعملنا صنائع المعروف بيننا، واجعل الاتقان شرطًا والتفاني والإخلاص قانون غير مكتوب ولكنه جزء من إنسانيتنا، حارب معنا العنصرية والفئوية وكل تمييز يتسبب في اضطهاد بشر وينزع منه صفة الإنسان، نريد أن نُقدم عليك ونصل وقد تخلصت من شوائب حاضرنا وكنت حاضرنا الجديد الجميل.
مستقبلنا العزيز: بلغنا أن اقوامًا سبقونا إليك، فأعلم أننا لسنا بأقل منهم، ولكننا تعثرنا قليلاً بسبب بعض من الجهل، فصدق أو لا تصدق أننا كنّا نعتقد بأن الشكل أهم من المضمون، وأن صاحب المضمون الفارغ قد يكون من الوجهاء بينما الواعي المثقف يبقى في الصفوف الأخيرة.
وأسباب أخرى تتعلق بنوع راحلتنا. اختلفنا قليلاً كيف نصل إليك، بعضنا قال بالأخلاق، وآخرون قالوا بالدين، وبعض منا أصر على العلم، وبعض آخر جمعهم الثلاثة، اختلفنا تناقشنا تناحرنا تباغضنا، ثم اهتدينا فتصالحنا وعلمنا أن راحلتنا هي كل ما اختلفنا عليه لا بعضه. وها نحن اليوم قد اتفقنا وقررنا المسير نحوك، محملين بأصالتنا وعلمنا وديننا وأخلاقنا، فلا تجزع من تأخرنا، سنكون عندك بالموعد، وسيكون حضورنا مختلف عن حضور من سبقونا، ستشاهد أن إضافتنا كانت مهمة، وأنك بلا وجودنا مجرد رقم زمني.
نحن من أشبعنا أخاك الماضي فناً وأدباً وعلماً وقيماً وتسامحاً وسلاماً.. فطب نفساً وقرّ عيناً، فالقافلة بدأت بالمسير، فاستعد!